[ ص: 438 ] القول في تأويل قوله ( ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم    ) 
قال أبو جعفر   : يعني بذلك - جل ثناؤه - : وبأني قد جئتكم بآية من ربكم ، وجئتكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ، ولذلك نصب " مصدقا " على الحال من " جئتكم " . 
والذي يدل على أنه نصب على قوله : " وجئتكم " دون العطف على قوله : " وجيها " قوله : " لما بين يدي من التوراة " . ولو كان عطفا على قوله " وجيها " لكان الكلام : ومصدقا لما بين يديه من التوراة ، وليحل لكم بعض الذي حرم عليكم . 
وإنما قيل : " ومصدقا لما بين يدي من التوراة " لأن عيسى  صلوات الله عليه ، كان مؤمنا بالتوراة مقرا بها ، وأنها من عند الله . وكذلك الأنبياء كلهم ، يصدقون بكل ما كان قبلهم من كتب الله ورسله ، وإن اختلف بعض شرائع أحكامهم ، لمخالفة الله بينهم في ذلك . مع أن عيسى  كان - فيما بلغنا - عاملا بالتوراة لم يخالف شيئا من أحكامها ، إلا ما خفف الله عن أهلها في الإنجيل ، مما كان مشددا عليهم فيها ، كما : - 
7111 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا عبد الكريم  قال : حدثني عبد الصمد بن معقل   : أنه سمع  وهب بن منبه  يقول : إن عيسى  كان على شريعة موسى   - صلى الله عليه وسلم - ، وكان يسبت ، ويستقبل بيت المقدس ، فقال لبني إسرائيل : إني لم أدعكم إلى خلاف حرف مما في التوراة ، إلا لأحل لكم بعض الذي حرم عليكم ، وأضع عنكم من الآصار .  [ ص: 439 ] 
7112 - حدثني بشر  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد ،  عن قتادة   : " ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم   " كان الذي جاء به عيسى  ألين مما جاء به موسى ،  وكان قد حرم عليهم فيما جاء به موسى  لحوم الإبل والثروب ، وأشياء من الطير والحيتان . 
7113 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا ابن أبي جعفر ،  عن أبيه ، عن الربيع  في قوله ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم   " قال : كان الذي جاء به عيسى  ألين من الذي جاء به موسى   . قال : وكان حرم عليهم فيما جاء به موسى  من التوراة ، لحوم الإبل والثروب ، فأحلها لهم على لسان عيسى   - وحرمت عليهم الشحوم ، وأحلت لهم فيما جاء به عيسى   - وفي أشياء من السمك ، وفي أشياء من الطير مما لا صيصية له ، وفي أشياء حرمها عليهم ، وشددها عليهم ، فجاءهم عيسى  بالتخفيف منه في الإنجيل ، فكان الذي جاء به عيسى  ألين من الذي جاء به موسى  صلوات الله عليه . 
7114 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثني حجاج ،  عن  ابن جريج  قوله : " ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم   " قال : لحوم الإبل والشحوم . لما بعث عيسى  أحلها لهم ، وبعث إلى اليهود فاختلفوا وتفرقوا . 
7115 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا سلمة ،  عن ابن إسحاق ،  عن محمد بن  [ ص: 440 ] جعفر بن الزبير : "  ومصدقا لما بين يدي من التوراة   " أي : لما سبقني منها - " ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم " أي : أخبركم أنه كان حراما عليكم فتركتموه ، ثم أحله لكم تخفيفا عنكم ، فتصيبون يسره ، وتخرجون من تباعته  . 
7116 - حدثني محمد بن سنان  قال : حدثنا أبو بكر الحنفي ،  عن عباد ،  عن الحسن   : " ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم   " قال : كان حرم عليهم أشياء ، فجاءهم عيسى ليحل لهم الذي حرم عليهم ، يبتغي بذلك شكرهم  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					