[ ص: 11 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( والنجم والشجر يسجدان   ( 6 ) والسماء رفعها ووضع الميزان    ( 7 ) ألا تطغوا في الميزان   ( 8 ) وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان   ( 9 ) ) 
اختلف أهل التأويل في معنى النجم في هذا الموضع ، مع إجماعهم على أن الشجر ما قام على ساق ، فقال بعضهم : عني بالنجم في هذا الموضع من النبات : ما نجم من الأرض ، مما ينبسط عليها ، ولم يكن على ساق : مثل البقل ونحوه . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني علي  قال : ثنا أبو صالح  قال : ثني معاوية  ، عن علي  ، عن ابن عباس  في قوله : ( والنجم ) قال : ما يبسط على الأرض  . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا يعقوب  ، عن جعفر  ، عن سعيد  في قوله : ( والنجم ) قال : النجم كل شيء ذهب مع الأرض فرشا قال : والعرب تسمي الثبل نجما  . 
حدثني محمد بن خلف العسقلاني  قال : ثنا رواد بن الجراح  ، عن شريك  ، عن  السدي   ( والنجم والشجر يسجدان   ) قال : النجم : نبات الأرض  . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن سفيان   ( والنجم ) قال : النجم : الذي ليس له ساق  . 
وقال آخرون : عني بالنجم في هذا الموضع : نجم السماء . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى  وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  جميعا ، عن ابن  [ ص: 12 ] أبي نجيح  ، عن مجاهد  في قوله : ( والنجم ) قال : نجم السماء . 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة  قوله : ( والنجم ) يعني : نجم السماء  . 
حدثنا ابن عبد الأعلى  قال : ثنا ابن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة   ( والنجم والشجر يسجدان   ) قال : إنما يريد النجم  . 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة  ، عن الحسن  نحوه . 
وأولى القولين في ذلك بالصواب قول من قال : عني بالنجم : ما نجم من الأرض من نبت ؛ لعطف الشجر عليه . فكان بأن يكون معناه لذلك : ما قام على ساق وما لا يقوم على ساق يسجدان لله ، بمعنى : أنه تسجد له الأشياء كلها المختلفة الهيئات من خلقه ، أشبه وأولى بمعنى الكلام من غيره . وأما قوله : ( والشجر ) فإن الشجر ما قد وصفت صفته قبل . 
وبالذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني علي  قال : ثنا أبو صالح  قال : ثني معاوية  عن علي  ، عن ابن عباس  قوله : ( والشجر يسجدان   ) قال : الشجر : كل شيء قام على ساق  . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا يعقوب  ، عن جعفر  ، عن سعيد  في قوله : ( والشجر ) قال : الشجر : كل شيء قام على ساق  . 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة  في قوله : ( والشجر ) قال : الشجر : شجر الأرض  . 
حدثنا ابن حميد  قال : ثنا مهران  ، عن سفيان   ( والشجر يسجدان   ) قال : الشجر الذي له سوق  .  [ ص: 13 ] 
وأما قوله : ( يسجدان   ) فإنه عني به سجود ظلهما ، كما قال - جل ثناؤه - ( ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال   ) . 
كما حدثنا ابن حميد  قال : ثنا تميم بن عبد المؤمن  ، عن زبرقان  ، عن أبي رزين  وسعيد   ( والنجم والشجر يسجدان   ) قالا ظلهما سجودهما  . 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا محمد بن مروان  قال : ثنا أبو العوام  ، عن قتادة   ( والنجم والشجر يسجدان   ) : ما نزل من السماء شيئا من خلقه إلا عبده له طوعا وكرها  . 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة  ، عن الحسن  ، وهو قول قتادة   . 
حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى  وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  جميعا ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  في قوله : ( والنجم والشجر يسجدان   ) قال : يسجد بكرة وعشيا . وقيل : ( والنجم والشجر يسجدان   ) فثني وهو خبر عن جمعين  . 
وقد زعم الفراء  أن العرب إذا جمعت الجمعين من غير الناس مثل السدر والنخل ، جعلوا فعلهما واحدا . فيقولون : الشاء والنعم قد أقبل . والنخل والسدر قد ارتوى . قال : وهذا أكثر كلامهم ، وتثنيته جائزة . 
وقوله : ( والسماء رفعها   ) يقول - تعالى ذكره - : والسماء رفعها فوق الأرض . 
وقوله : ( ووضع الميزان   ) يقول : ووضع العدل بين خلقه في الأرض . 
وذكر أن ذلك في قراءة عبد الله   " خفض الميزان " والخفض والوضع متقاربا المعنى في كلام العرب . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .  [ ص: 14 ] 
ذكر من قال ذلك : 
حدثني محمد بن عمرو  قال : ثنا أبو عاصم  قال : ثنا عيسى  وحدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  جميعا ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  في قوله : ( ووضع الميزان   ) قال : العدل  . 
وقوله : ( ألا تطغوا في الميزان   ) يقول - تعالى ذكره - : ألا تظلموا وتبخسوا في الوزن . 
كما حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة  قوله : ( ألا تطغوا في الميزان   ) : اعدل يا ابن آدم  كما تحب أن يعدل عليك ، وأوف كما تحب أن يوفى لك ، فإن بالعدل صلاح الناس  . 
وكان ابن عباس  يقول : يا معشر الموالي ، إنكم قد وليتم أمرين بهما هلك من كان قبلكم ، هذا المكيال والميزان . 
حدثنا عمرو بن عبد الحميد  قال : ثنا مروان بن معاوية  ، عن مغيرة  ، عن مسلم  ، عن أبي المغيرة  قال : سمعت ابن عباس  يقول في سوق المدينة : يا معشر الموالي ، إنكم قد بليتم بأمرين أهلك فيهما أمتان من الأمم : المكيال والميزان . 
قال : ثنا مروان  ، عن مغيرة  قال : رأى ابن عباس  رجلا يزن قد أرجح ، فقال : أقم اللسان ، أقم اللسان ، أليس قد قال الله : ( وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان    ) . 
وقوله : ( وأقيموا الوزن بالقسط   ) يقول : وأقيموا لسان الميزان بالعدل . 
وقوله : ( ولا تخسروا الميزان   ) يقول - تعالى ذكره - : ولا تنقصوا الوزن إذا وزنتم للناس وتظلموهم . 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك :  [ ص: 15 ] 
حدثنا ابن بشار  قال : ثنا محمد بن مروان  قال : ثنا أبو العوام  ، عن قتادة   ( والسماء رفعها ووضع الميزان  ألا تطغوا في الميزان  وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان   ) قال قتادة  ، قال ابن عباس   : يا معشر الموالي إنكم وليتم أمرين بهما هلك من كان قبلكم ، اتقى الله رجل عند ميزانه ، اتقى الله رجل عند مكياله ، فإنما يعدله شيء يسير ، ولا ينقصه ذلك ، بل يزيده الله إن شاء الله . 
حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله : ( وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان   ) قال : نقصه إذا نقصه فقد خسره ، تخسيره نقصه  . 
				
						
						
