القول في تأويل قوله تعالى : ( الله الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تأكلون    ( 79 ) ولكم فيها منافع ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم وعليها وعلى الفلك تحملون   ( 80 ) ويريكم آياته فأي آيات الله تنكرون   ( 81 ) ) 
يقول - تعالى ذكره - : ( الله ) الذي لا تصلح الألوهة إلا له أيها المشركون به من قريش   ( الذي جعل لكم الأنعام   ) من الإبل والبقر والغنم والخيل ، وغير ذلك من البهائم التي يقتنيها أهل الإسلام لمركب أو لمطعم ( لتركبوا منها   ) يعني : الخيل والحمير ( ومنها تأكلون   ) يعني الإبل والبقر والغنم . وقال : ( لتركبوا منها   ) ومعناه : لتركبوا منها بعضا ومنها بعضا تأكلون ، فحذف استغناء بدلالة الكلام على ما حذف . 
وقوله : ( ولكم فيها منافع   ) وذلك أن جعل لكم من جلودها بيوتا تستخفونها يوم ظعنكم ، ويوم إقامتكم ، ومن أصوافها وأوبارها وأشعارها أثاثا ومتاعا إلى حين . 
وقوله : ( ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم   ) يقول : ولتبلغوا بالحمولة على بعضها ، وذلك الإبل حاجة في صدوركم لم تكونوا بالغيها لولا هي ، إلا بشق أنفسكم ، كما قال - جل ثناؤه - : ( وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس   ) وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا بشر  قال : ثنا يزيد  قال : ثنا سعيد  ، عن قتادة  قوله : ( ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم   )  [ ص: 421 ] يعني الإبل تحمل أثقالكم إلى بلد . 
حدثني الحارث  قال : ثنا الحسن  قال : ثنا ورقاء  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد   ( ولتبلغوا عليها حاجة في صدوركم   ) لحاجتكم ما كانت . وقوله : ( وعليها ) يعني : وعلى هذه الإبل ، وما جانسها من الأنعام المركوبة ( وعلى الفلك   ) يعني : وعلى السفن ( تحملون ) يقول نحملكم على هذه في البر ، وعلى هذه في البحر ( ويريكم آياته   ) يقول : ويريكم حججه ، ( فأي آيات الله تنكرون   ) يقول : فأي حجج الله التي يريكم أيها الناس في السماء والأرض تنكرون صحتها ، فتكذبون من أجل فسادها بتوحيد الله ، وتدعون من دونه إلها . 
				
						
						
