القول في تأويل قوله تعالى : ( ومن الذين أشركوا    ) 
قال أبو جعفر   : يعني جل ثناؤه بقوله : ( ومن الذين أشركوا   ) ، وأحرص من الذين أشركوا على الحياة ، كما يقال : "هو أشجع الناس ومن عنترة " بمعنى : هو أشجع من الناس ومن عنترة ، فكذلك قوله : ( ومن الذين أشركوا   ) ؛ لأن معنى الكلام : ولتجدن - يا محمد   - اليهود  من بني إسرائيل ، أحرص [ من ] الناس على حياة ، ومن الذين أشركوا . فلما أضيف "أحرص " إلى "الناس " وفيه تأويل "من " أظهرت بعد حرف العطف ، ردا - على التأويل الذي ذكرنا . 
وإنما وصف الله جل ثناؤه اليهود  بأنهم أحرص الناس على الحياة ، لعلمهم بما قد أعد لهم في الآخرة على كفرهم بما لا يقر به أهل الشرك ، فهم للموت أكره من أهل الشرك الذين لا يؤمنون بالبعث ؛ لأنهم يؤمنون بالبعث ، ويعلمون ما لهم هنالك من العذاب . والمشركون لا يصدقون بالبعث ولا العقاب ، فاليهود  أحرص  [ ص: 371 ] منهم على الحياة وأكره للموت . 
وقيل : إن الذين أشركوا - الذين أخبر الله تعالى ذكره أن اليهود  أحرص منهم في هذه الآية على الحياة - هم المجوس الذين لا يصدقون بالبعث ذكر من قال هم المجوس   : 
1587 - حدثني المثنى  قال : حدثنا آدم  قال : حدثنا أبو جعفر  ، عن الربيع  ، عن أبي العالية   : ( ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة   ) ، يعني المجوس   . 
1588 - حدثني المثنى  قال : حدثنا إسحاق  قال : حدثنا ابن أبي جعفر  ، عن أبيه ، عن الربيع   : ( ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة   ) ، قال : المجوس   . 
1589 - حدثني يونس  قال ، أخبرني ابن وهب  قال : قال ابن زيد   : ( ومن الذين أشركوا   ) ، قال : يهود ، أحرص من هؤلاء على الحياة . 
ذكر من قال : هم الذين ينكرون البعث : 
1590 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا سلمة  قال : حدثنا ابن إسحاق  قال : حدثني محمد بن أبي محمد   - فيما يروي أبو جعفر   - عن سعيد بن جبير ،  أو عكرمة  ، عن ابن عباس   : ( ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا   ) ، وذلك أن المشرك لا يرجو بعثا بعد الموت ، فهو يحب طول الحياة; وأن اليهودي قد عرف ما له في الآخرة من الخزي ، بما ضيع مما عنده من العلم  . 
				
						
						
