القول في تأويل قوله تعالى : ( للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى وهو العزيز الحكيم    ( 60 ) ) 
وهذا خبر من الله جل ثناؤه أن قوله ( وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم   ) ، والآية التي بعدها مثل ضربه الله لهؤلاء المشركين الذين جعلوا لله البنات ، فبين بقوله ( للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء   ) أنه مثل ، وعنى بقوله جل ثناؤه ( للذين لا يؤمنون بالآخرة   ) للذين لا يصدقون بالمعاد والثواب والعقاب من المشركين ( مثل السوء ) وهو القبيح من المثل ، وما يسوء من ضرب له ذلك المثل ( ولله المثل الأعلى   ) يقول : ولله المثل الأعلى ، وهو الأفضل والأطيب ، والأحسن ، والأجمل ، وذلك التوحيد والإذعان له بأنه لا إله غيره . 
 [ ص: 230 ] وبنحو الذي قلنا في ذلك ، قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ،  قال : ثنا محمد بن ثور ،  عن معمر ،  عن قتادة   ( ولله المثل الأعلى   ) قال : شهادة أن لا إله إلا الله  . 
حدثنا بشر ،  قال : ثنا يزيد ،  قال : ثنا سعيد ،  عن قتادة ،  قوله ( للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى   ) الإخلاص والتوحيد  . 
وقوله : ( وهو العزيز الحكيم   ) يقول تعالى ذكره : والله ذو العزة التي لا يمتنع عليه معها عقوبة هؤلاء المشركين الذين وصف صفتهم في هذه الآيات ، ولا عقوبة من أراد عقوبته على معصيته إياه ، ولا يتعذر عليه شيء أراده وشاءه ، لأن الخلق خلقه ، والأمر أمره ، الحكيم في تدبيره ، فلا يدخل تدبيره خلل ، ولا خطأ . 
				
						
						
