[ ص: 589 ] القول في تأويل قوله تعالى : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء    ( 27 ) ) 
قال أبو جعفر   : يعني تعالى ذكره بقوله : ( يثبت الله الذين آمنوا   ) ، يحقق الله أعمالهم وإيمانهم ( بالقول الثابت   ) ، يقول : بالقول الحق ، وهو - فيما قيل - شهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا  رسول الله . 
وأما قوله : ( في الحياة الدنيا   ) ، فإن أهل التأويل اختلفوا فيه ، فقال بعضهم : عنى بذلك أن الله يثبتهم في قبورهم قبل قيام الساعة . 
ذكر من قال ذلك : 
20758 - حدثني أبو السائب سلم بن جنادة  قال : حدثنا أبو معاوية  ، عن الأعمش  ، عن سعد بن عبيدة  ، عن  البراء بن عازب  ، في قوله : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا   ) ، قال : التثبيت في الحياة الدنيا إذا أتاه الملكان في القبر فقالا له : من ربك؟ فقال : ربي الله . فقالا له : ما دينك؟ قال : ديني الإسلام . فقالا له : من نبيك؟ قال : نبيي محمد  صلى الله عليه وسلم . فذلك التثبيت في الحياة الدنيا .  [ ص: 590 ] 
20759 - حدثنا أبو كريب  قال : حدثنا جابر بن نوح  ، عن الأعمش  ، عن سعد بن عبيدة  ، عن  البراء بن عازب  ، بنحو منه في المعنى . 
20760 - حدثني عبد الله بن إسحاق الناقد الواسطي  قال : حدثنا  وهب بن جرير  قال : حدثنا شعبة  ، عن علقمة بن مرثد  ، عن سعد بن عبيدة  ، عن البراء  قال : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن والكافر ، فقال : إن المؤمن إذا سئل في قبره قال : ربي الله ، فذلك قوله : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة   ) .  [ ص: 591 ] 
20761 - حدثنا  محمد بن المثنى  قال : حدثنا هشام بن عبد الملك  قال : حدثنا شعبة  قال : أخبرني علقمة بن مرثد  قال : سمعت سعد بن عبيدة  ، عن  البراء بن عازب   : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن المسلم إذا سئل في القبر فيشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا  رسول الله . قال : فذلك قوله : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة   ) . 
20762 - حدثني الحسين بن سلمة بن أبي كبشة  ، ومحمد بن معمر البحراني  واللفظ لحديث ابن أبي كبشة  قالا حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو  قال : حدثنا عباد بن راشد  ، عن  داود بن أبي هند  ، عن  أبي نضرة  ، عن أبي سعيد  قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فقال :  [ ص: 592 ] يا أيها الناس ، إن هذه الأمة تبتلى في قبورها ، فإذا الإنسان دفن وتفرق عنه أصحابه ، جاءه ملك بيده مطراق فأقعده فقال : ما تقول في هذا الرجل؟ فإن كان مؤمنا قال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا  عبده ورسوله . فيقول له : صدقت . فيفتح له باب إلى النار فيقال : هذا منزلك لو كفرت بربك ، فأما إذ آمنت به ، فإن الله أبدلك به هذا . ثم يفتح له باب إلى الجنة ، فيريد أن ينهض له ، فيقال له : اسكن . ثم يفسح له في قبره . وأما الكافر أو المنافق فيقال له : ما تقول في هذا الرجل؟ فيقول : ما أدري! فيقال له : لا دريت ولا تدريت ولا اهتديت! ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقال له : هذا كان منزلك لو آمنت بربك ، فأما إذ كفرت فإن الله أبدلك هذا . ثم يفتح له باب إلى النار ، ثم يقمعه الملك بالمطراق قمعة يسمعه خلق الله كلهم إلا الثقلين . قال بعض أصحابه : يا رسول الله ، ما منا أحد يقوم على رأسه ملك بيده مطراق إلا هيل عند ذلك! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء   ) .  [ ص: 593 ] 
20763 - حدثنا أبو كريب  قال : حدثنا أبو بكر بن عياش  ، عن الأعمش  ، عن المنهال ،  عن زاذان  ، عن البراء   : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : وذكر قبض روح المؤمن : فتعاد روحه في جسده ، ويأتيه ملكان فيجلسانه ، يعني في قبره ، فيقولان : من ربك؟ فيقول : ربي الله . فيقولان : ما دينك؟ فيقول ديني الإسلام . فيقولان له : ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول : هو رسول الله . فيقولان : ما يدريك؟ فيقول : قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت . فينادي مناد من السماء أن صدق عبدي .  [ ص: 594 ] قال : فذلك قول الله عز وجل ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة   ) . 
20764 - حدثني أبو السائب  قال : حدثنا أبو معاوية  قال : حدثنا الأعمش  ، عن المنهال ،  عن زاذان  ، عن البراء  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه . 
20765 - حدثنا ابن حميد   وابن وكيع  قالا حدثنا جرير  ، عن الأعمش  ، عن المنهال ،  عن زاذان  ، عن البراء  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه .  [ ص: 595 ] 
20766 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا ابن نمير  قال : حدثنا الأعمش  قال : حدثنا  المنهال بن عمرو  ، عن زاذان  ، عن البراء  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، بنحوه . 
20767 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا الحكم بن بشير  قال : حدثنا عمرو بن قيس  ، عن  يونس بن خباب  ، عن المنهال ،  عن زاذان  ، عن  البراء بن عازب  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، نحوه . 
20768 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى  قال : حدثنا محمد بن ثور  ، عن معمر  وحدثنا الحسن بن محمد  قال : حدثنا  سعيد بن منصور  قال : حدثنا مهدي بن ميمون  جميعا عن  يونس بن خباب  ، عن  المنهال بن عمرو  ، عن زاذان  ، عن  البراء بن عازب  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر قبض روح المؤمن! قال : فيأتيه آت في قبره فيقول : من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد  صلى الله عليه وسلم . فينتهره فيقول : من ربك؟ وما دينك؟ فهي آخر فتنة تعرض على المؤمن ، فذلك حين يقول الله عز وجل : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة   ) ، ، فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد  صلى الله  [ ص: 596 ] عليه وسلم . فيقال له : صدقت  - واللفظ لحديث ابن عبد الأعلى   . 
20769 - حدثنا محمد بن خلف العسقلاني  قال : حدثنا آدم  قال : حدثنا حماد بن سلمة  ، عن محمد بن عمرو  ، عن أبي سلمة  ، عن  أبي هريرة  قال : تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة   ) ، قال : ذاك إذا قيل في القبر : من ربك؟ وما دينك؟ فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد  صلى الله عليه وسلم ، جاء بالبينات من عند الله فآمنت به وصدقت . فيقال له : صدقت ، على هذا عشت ، وعليه مت ، وعليه تبعث . 
20770 - حدثنا مجاهد بن موسى  ، والحسن بن محمد  قالا حدثنا يزيد  قال : أخبرنا محمد بن عمرو  ، عن أبي سلمة  ، عن  أبي هريرة  قال : إن الميت ليسمع خفق نعالهم حين يولون عنه مدبرين . فإذا كان مؤمنا ، كانت الصلاة عند رأسه ، والزكاة عن يمينه ، وكان الصيام عن يساره ، وكان فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس عند رجليه ، فيؤتى من عند رأسه فتقول الصلاة : ما قبلي مدخل . فيؤتى عن يمينه فتقول الزكاة : ما قبلي مدخل . فيؤتى عن يساره فيقول الصيام : ما قبلي مدخل . فيؤتى من عند رجليه فيقول فعل الخيرات من الصدقة والصلة والمعروف والإحسان إلى الناس : ما قبلي  [ ص: 597 ] مدخل . فيقال له : اجلس؛ فيجلس ، قد تمثلت له الشمس قد دنت للغروب ، فيقال له : أخبرنا عما نسألك . فيقول : دعوني حتى أصلي . فيقال : إنك ستفعل ، فأخبرنا عما نسألك عنه! فيقول : وعم تسألون؟ فيقال : أرأيت هذا الرجل الذي كان فيكم ، ماذا تقول فيه ، وماذا تشهد به عليه؟ فيقول : أمحمد؟  فيقال له : نعم . فيقول أشهد أنه رسول الله ، وأنه جاء بالبينات من عند الله ، فصدقناه . فيقال له : على ذلك حييت ، وعلى ذلك مت ، وعلى ذلك تبعث إن شاء الله . ثم يفسح له في قبره سبعون ذراعا وينور له فيه ، ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقال له : انظر إلى ما أعد الله لك فيها ، فيزداد غبطة وسرورا ، ثم يفتح له باب إلى النار فيقال له : انظر ما صرف الله عنك لو عصيته! فيزداد غبطة وسرورا . ثم يجعل نسمه في النسم الطيب ، وهي طير خضر تعلق بشجر الجنة ، ويعاد جسده إلى ما بدئ منه من التراب ، وذلك قول الله تعالى : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة   ) . 
20771 - حدثنا الحسن بن محمد  قال : حدثنا أبو قطن  قال : حدثنا المسعودي  ، عن عبد الله بن مخارق  ، عن أبيه ، عن عبد الله  قال : إن المؤمن  [ ص: 598 ] إذا مات أجلس في قبره ، فيقال له : من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك؟ فيثبته الله فيقول : ربي الله ، وديني الإسلام ، ونبيي محمد   . قال : فقرأ عبد الله   : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة   ) .  [ ص: 599 ] 
20772 - حدثنا الحسن  قال : حدثنا أبو خالد القرشي  ، عن سفيان  ، عن أبيه وحدثنا أحمد  قال : حدثنا أبو أحمد  قال : حدثنا سفيان  ، عن أبيه ، عن  خيثمة  ، عن البراء  ، في قوله : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا   ) ، قال : عذاب القبر . 
20773 - حدثنا الحسن  قال : حدثنا عفان  قال : حدثنا شعبة  ، عن علقمة بن مرثد  ، عن سعد بن عبيدة  ، عن البراء  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في قول الله تعالى : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة   ) ، قال شعبة  شيئا لم أحفظه ، قال : في القبر . 
20774 - حدثني محمد بن سعد  قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  ، قوله : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت   ) ، إلى قوله : ( ويضل الله الظالمين   ) ، قال : إن المؤمن إذا حضره الموت شهدته الملائكة ، فسلموا عليه وبشروه بالجنة ، فإذا مات مشوا في جنازته  [ ص: 600 ] ثم صلوا عليه مع الناس ، فإذا دفن أجلس في قبره فيقال له : من ربك؟ فيقول : ربي الله . ويقال له : من رسولك؟ فيقول : محمد   . فيقال له : ما شهادتك؟ فيقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا  رسول الله . فيوسع له في قبره مد بصره . 
20775 - حدثنا الحسن  قال : حدثنا حجاج  قال : قال  ابن جريج  ، سمعت ابن طاوس  يخبر عن أبيه قال : لا أعلمه إلا قال : هي في فتنة القبر ، في قوله : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت   ) . 
20776 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا جرير  عن العلاء بن المسيب  ، عن أبيه أنه كان يقول في هذه الآية : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة   ) ، هي في صاحب القبر . 
20777 - حدثني المثنى  قال : حدثنا  عمرو بن عون  قال : أخبرنا هشيم  ، عن العوام  ، عن المسيب بن رافع   : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة   ) ، قال : نزلت في صاحب القبر . 
20778 - حدثنا أحمد  قال : حدثنا أبو أحمد  قال : حدثنا عباد بن العوام  ، عن العلاء بن المسيب  ، عن أبيه المسيب بن رافع  ، نحوه . 
20779 - حدثني المثنى  قال : أخبرنا إسحاق  قال : حدثنا عبد الرحمن بن سعد  قال : أخبرنا أبو جعفر الرازي  ، عن الربيع  ، في قول الله تعالى : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة   ) ، قال : بلغنا أن هذه الأمة تسأل في قبورها ، فيثبت الله المؤمن في قبره حين يسأل . 
20780 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو ربيعة فهد  قال : حدثنا أبو عوانة  ، عن الأعمش  ، عن  المنهال بن عمرو  ، عن زاذان  ، عن  البراء بن عازب   [ ص: 601 ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر قبض روح المؤمن ، قال : فترجع روحه في جسده ، ويبعث الله إليه ملكين شديدي الانتهار ، فيجلسانه وينتهرانه ، يقولان : من ربك؟ قال : فيقول : الله . وما دينك؟ قال : الإسلام . قال : فيقولان له : ما هذا الرجل - أو النبي - الذي بعث فيكم؟ فيقول : محمد  رسول الله . قال : فيقولان له : وما يدريك؟ قال : فيقول : قرأت كتاب الله فآمنت به وصدقت! فذلك قول الله : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة   ) . 
20781 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  ، في قوله : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة   ) ، قال : نزلت في الميت الذي يسأل في قبره عن النبي صلى الله عليه وسلم . 
20782 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى  قال : حدثنا محمد بن ثور  ، عن معمر  ، عن قتادة   : في قول الله : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة   ) ، قال : بلغنا أن هذه الأمة تسأل في قبورها ، فيثبت الله المؤمن حيث يسأل . 
20783 - حدثنا أحمد  قال : حدثنا أبو أحمد  قال : حدثنا شريك  ، عن إبراهيم بن مهاجر  ، عن مجاهد   : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا   )  [ ص: 602 ] قال : هذا في القبر مخاطبته ، وفي الآخرة مثل ذلك . 
وقال آخرون : معنى ذلك : يثبت الله الذين آمنوا بالإيمان في الحياة الدنيا ، وهو "القول الثابت" "وفي الآخرة" المسألة في القبر . 
ذكر من قال ذلك : 
20784 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا عبد الرزاق  قال : أخبرنا معمر  ، عن ابن طاوس  ، عن أبيه : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا   ) ، قال : لا إله إلا الله ( وفي الآخرة   ) ، المسألة في القبر . 
20785 - حدثنا بشر  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد  ، عن قتادة  ، قوله : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا   ) ، أما "الحياة الدنيا" فيثبتهم بالخير والعمل الصالح ، وقوله : ( وفي الآخرة   ) ، أي في القبر . 
قال أبو جعفر   : والصواب من القول في ذلك ما ثبت به الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ، وهو أن معناه : ( يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا   ) ، وذلك تثبيته إياهم في الحياة الدنيا بالإيمان بالله وبرسوله محمد  صلى الله عليه وسلم ( وفي الآخرة ) بمثل الذي ثبتهم به في الحياة الدنيا ، وذلك في قبورهم حين يسألون عن الذي هم عليه من التوحيد والإيمان برسوله صلى الله عليه وسلم . 
وأما قوله : ( ويضل الله الظالمين   ) ، فإنه يعني أن الله لا يوفق المنافق والكافر في الحياة الدنيا وفي الآخرة عند المساءلة في القبر ، لما هدى له من الإيمان المؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم .  [ ص: 603 ] 
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . 
ذكر من قال ذلك : 
20786 - حدثنا محمد بن سعد  قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قال : أما الكافر فتنزل الملائكة إذا حضره الموت ، فيبسطون أيديهم - و "البسط" هو الضرب - يضربون وجوههم وأدبارهم عند الموت . فإذا أدخل قبره أقعد فقيل له : من ربك؟ فلم يرجع إليهم شيئا ، وأنساه الله ذكر ذلك . وإذا قيل له : من الرسول الذي بعث إليك؟ لم يهتد له ، ولم يرجع إليه شيئا ، يقول الله : ( ويضل الله الظالمين   ) . 
20787 - حدثني المثنى  قال : حدثنا فهد بن عوف  ، أبو ربيعة  قال : حدثنا أبو عوانة  ، عن الأعمش  ، عن  المنهال بن عمرو  ، عن زاذان  ، عن البراء  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وذكر الكافر حين تقبض روحه ، قال : فتعاد روحه في جسده . قال : فيأتيه ملكان شديدا الانتهار ، فيجلسانه فينتهرانه فيقولان له : من ربك؟ فيقول : لا أدري؟ قال فيقولان له : ما دينك؟ فيقول : لا أدري ، قال : فيقال له : ما هذا النبي الذي بعث فيكم؟ قال : فيقول : سمعت الناس يقولون ذلك ، لا أدري . قال : فيقولان : لا دريت . قال : وذلك قول الله : ( ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء   ) . 
وقوله : ( ويفعل الله ما يشاء   ) ، يعني تعالى ذكره بذلك : وبيد الله الهداية والإضلال ، فلا تنكروا ، أيها الناس ، قدرته ، ولا اهتداء من كان منكم ضالا ولا ضلال من كان منكم مهتديا ، فإن بيده تصريف خلقه وتقليب قلوبهم ، يفعل فيهم ما يشاء .
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					