القول في تأويل قوله تعالى ( فذبحوها وما كادوا يفعلون    ( 71 ) ) 
قال أبو جعفر   : يعني بقوله : ( فذبحوها ) ، فذبح قوم موسى  البقرة ، التي وصفها الله لهم وأمرهم بذبحها . 
ويعني بقوله : ( وما كادوا يفعلون ) ، أي : قاربوا أن يدعوا ذبحها ، ويتركوا فرض الله عليهم في ذلك . 
ثم اختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله كادوا أن يضيعوا فرض الله عليهم في ذبح ما أمرهم بذبحه من ذلك . فقال بعضهم : ذلك السبب كان  [ ص: 219 ] غلاء ثمن البقرة التي أمروا بذبحها ، وبينت لهم صفتها . 
ذكر من قال ذلك : 
1274 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال ، أخبرنا عبد الرزاق  قال ، أخبرنا أبو معشر المدني  ، عن  محمد بن كعب القرظي  في قوله : ( فذبحوها وما كادوا يفعلون   ) قال : لغلاء ثمنها . 
1275 - حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد الهلالي  قال ، حدثنا عبد العزيز بن الخطاب  قال ، حدثنا أبو معشر  ، عن  محمد بن كعب القرظي   : ( فذبحوها وما كادوا يفعلون   ) ، قال : من كثرة قيمتها . 
1276 - حدثنا القاسم  قال ، أخبرنا الحسين  قال ، حدثنا حجاج  ، عن  ابن جريج  ، عن مجاهد  وحجاج  ، عن أبي معشر  ، عن  محمد بن كعب القرظي  ومحمد بن قيس   - في حديث فيه طول ، ذكر أن حديث بعضهم دخل في حديث بعض - قوله : ( فذبحوها وما كادوا يفعلون   ) ، لكثرة الثمن ، أخذوها بملء مسكها ذهبا من مال المقتول ، فكان سواء لم يكن فيه فضل فذبحوها . 
1277 - حدثت عن المنجاب  قال ، حدثنا بشر بن عمارة  ، عن أبي روق  ، عن الضحاك  ، عن ابن عباس   : ( فذبحوها وما كادوا يفعلون   ) ، يقول : كادوا لا يفعلون ، ولم يكن الذي أرادوا ، لأنهم أرادوا أن لا يذبحوها : وكل شيء في القرآن " كاد " أو " كادوا " أو " لو " ، فإنه لا يكون . وهو مثل قوله : ( أكاد أخفيها )  [ طه : 20 ] 
وقال آخرون : لم يكادوا أن يفعلوا ذلك خوف الفضيحة ، إن أطلع الله على  [ ص: 220 ] قاتل القتيل الذي اختصموا فيه إلى موسى   . 
قال أبو جعفر   : والصواب من التأويل عندنا ، أن القوم لم يكادوا يفعلون ما أمرهم الله به من ذبح البقرة ، للخلتين كلتيهما : إحداهما غلاء ثمنها ، مع ما ذكر لنا من صغر خطرها وقلة قيمتها ; والأخرى خوف عظيم الفضيحة على أنفسهم ، بإظهار الله نبيه موسى صلوات الله عليه وأتباعه - على قاتله . 
فأما غلاء ثمنها ، فإنه قد روي لنا فيه ضروب من الروايات . 
1278 - فحدثني موسى بن هارون  قال ، حدثنا عمرو بن حماد  قال ، حدثنا أسباط  ، عن  السدي  قال : اشتروها بوزنها عشر مرات ذهبا ، فباعهم صاحبها إياها وأخذ ثمنها . 
1279 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى  قال ، حدثنا المعتمر بن سليمان  قال ، سمعت أيوب  ، عن  محمد بن سيرين  ، عن عبيدة  قال : اشتروها بملء جلدها دنانير . 
1280 - حدثني محمد بن عمرو  قال ، حدثنا أبو عاصم  قال ، حدثنا عيسى  ، عن ابن أبي نجيح  ، عن مجاهد  قال : كانت البقرة لرجل يبر أمه ، فرزقه الله أن جعل تلك البقرة له ، فباعها بملء جلدها ذهبا . 
1281 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا أبو حذيفة  قال ، حدثنا شبل  قال ، حدثني خالد بن يزيد  ، عن مجاهد  قال : أعطوا صاحبها ملء مسكها ذهبا فباعها منهم . 
1282 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا إسحاق  قال ، حدثنا إسماعيل ، بن عبد الكريم  قال ، حدثني عبد الصمد بن معقل  أنه سمع وهبا يقول : اشتروها منه على أن يملئوا له جلدها دنانير ، ثم ذبحوها فعمدوا إلى جلد البقرة فملئوه دنانير ، ثم دفعوها إليه . 
1283 - حدثني محمد بن سعد  قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي  [ ص: 221 ] قال حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قال : وجدوها عند رجل يزعم أنه ليس بائعها بمال أبدا ، فلم يزالوا به حتى جعلوا له أن يسلخوا له مسكها فيملئوه له دنانير ، فرضي به فأعطاهم إياها . 
1284 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا آدم  قال ، حدثنا أبو جعفر  ، عن الربيع  ، عن أبي العالية  قال : لم يجدوها إلا عند عجوز ، وإنها سألتهم أضعاف ثمنها ، فقال لهم موسى   : أعطوها رضاها وحكمها . ففعلوا ، واشتروها فذبحوها . 
1285 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال ، أخبرنا عبد الرزاق  قال ، أخبرنا معمر  قال ، قال أيوب  ، عن ابن سيرين  ، عن عبيدة  قال : لم يجدوا هذه البقرة إلا عند رجل واحد ، فباعها بوزنها ذهبا ، أو ملء مسكها ذهبا - فذبحوها . 
1286 - حدثني المثنى  قال ، حدثنا آدم  قال ، حدثنا أبو جعفر  ، عن  هشام بن حسان  ، عن  محمد بن سيرين  ، عن عبيدة السلماني  قال : وجدوا البقرة عند رجل ، فقال : إني لا أبيعها إلا بملء جلدها ذهبا ، فاشتروها بملء جلدها ذهبا . 
1287 - حدثني يونس  قال ، أخبرنا ابن وهب  قال ، قال ابن زيد   : جعلوا يزيدون صاحبها حتى ملئوا له مسكها - وهو جلدها - ذهبا . 
وأما صغر خطرها وقلة قيمتها ، فإن الحسن بن يحيى   : - 
1288 - حدثنا قال ، حدثنا عبد الرزاق  قال ، أخبرنا ابن عيينة  قال ، حدثني محمد بن سوقة  ، عن عكرمة  قال : ما كان ثمنها إلا ثلاثة دنانير . 
وأما ما قلنا من خوفهم الفضيحة على أنفسهم ، فإن  وهب بن منبه  كان يقول : إن القوم إذ أمروا بذبح البقرة ، إنما قالوا لموسى   : ( أتتخذنا هزوا ) ، لعلمهم بأنهم سيفتضحون إذا ذبحت ، فحادوا عن ذبحها . 
1289 - حدثت بذلك عن إسماعيل بن عبد الكريم  ، عن عبد الصمد بن معقل  ، عن  وهب بن منبه   . 
وكان ابن عباس  يقول : إن القوم ، بعد أن أحيا الله الميت فأخبرهم بقاتله ،  [ ص: 222 ] أنكرت قتلته قتله ، فقالوا : والله ما قتلناه ; بعد أن رأوا الآية والحق . 
1290 - حدثني بذلك محمد بن سعد  قال ، حدثني أبي قال ، حدثني عمي قال ، حدثني أبي عن أبيه ، عن ابن عباس   . 
				
						
						
