القول في تأويل قوله ( فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وبصدهم عن سبيل الله كثيرا    ( 160 ) وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما   ( 161 ) ) 
قال أبو جعفر   : يعني بذلك جل ثناؤه : فحرمنا على اليهود  الذين نقضوا ميثاقهم الذي واثقوا ربهم ، وكفروا بآيات الله ، وقتلوا أنبياءهم ، وقالوا البهتان على مريم ،  وفعلوا ما وصفهم الله في كتابه طيبات من المآكل وغيرها ، كانت لهم  [ ص: 391 ] حلالا عقوبة لهم بظلمهم ، الذي أخبر الله عنهم في كتابه ، كما : - 
10833 - حدثنا بشر بن معاذ  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد ،  عن قتادة   : " فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم   " الآية ، عوقب القوم بظلم ظلموه وبغي بغوه ، حرمت عليهم أشياء ببغيهم وبظلمهم . 
وقوله : " وبصدهم عن سبيل الله كثيرا   " ، يعني : وبصدهم عباد الله عن دينه وسبله التي شرعها لعباده ، صدا كثيرا . وكان صدهم عن سبيل الله : بقولهم على الله الباطل ، وادعائهم أن ذلك عن الله ، وتبديلهم كتاب الله ، وتحريف معانيه عن وجوهه . وكان من عظيم ذلك جحودهم نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، وتركهم بيان ما قد علموا من أمره لمن جهل أمره من الناس . 
وبنحو ذلك كان مجاهد  يقول : 
10834 - حدثنا محمد بن عمرو  قال : حدثني أبو عاصم  قال : حدثني عيسى ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  في قول الله : " وبصدهم عن سبيل الله كثيرا   " ، قال : أنفسهم وغيرهم عن الحق . 
10835 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو حذيفة  قال : حدثنا شبل ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد ،  مثله . 
وقوله : " وأخذهم الربا   " ، وهو أخذهم ما أفضلوا على رءوس أموالهم ، لفضل تأخير في الأجل بعد محلها ، وقد بينت معنى"الربا" فيما مضى قبل ، بما أغنى عن إعادته . 
 [ ص: 392 ] 
"وقد نهوا عنه" يعني : عن أخذ الربا . 
وقوله : " وأكلهم أموال الناس بالباطل   " ، يعني ما كانوا يأخذون من الرشى على الحكم ، كما وصفهم الله به في قوله : ( وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون   ) [ سورة المائدة : 62 ] . وكان من أكلهم أموال الناس بالباطل ، ما كانوا يأخذون من أثمان الكتب التي كانوا يكتبونها بأيديهم ، ثم يقولون : "هذا من عند الله" ، وما أشبه ذلك من المآكل الخسيسة الخبيثة . فعاقبهم الله على جميع ذلك ، بتحريمه ما حرم عليهم من الطيبات التي كانت لهم حلالا قبل ذلك . 
وإنما وصفهم الله بأنهم أكلوا ما أكلوا من أموال الناس كذلك بالباطل ، لأنهم أكلوه بغير استحقاق ، وأخذوا أموالهم منهم بغير استيجاب . 
وقوله : " وأعتدنا للكافرين منهم عذابا أليما   " ، يعني : وجعلنا للكافرين بالله وبرسوله محمد  صلى الله عليه وسلم من هؤلاء اليهود ،  العذاب الأليم وهو الموجع من عذاب جهنم عنده ، يصلونها في الآخرة ، إذا وردوا على ربهم ، فيعاقبهم بها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					