القول في تأويل قوله ( والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم    ) 
قال أبو جعفر   : اختلفت القرأة في قراءة ذلك . 
فقرأه بعضهم : ( والذين عقدت أيمانكم   ) ، بمعنى : والذين عقدت أيمانكم الحلف بينكم وبينهم . وهي قراءة عامة قرأة الكوفيين . 
وقرأ ذلك آخرون : " والذين عاقدت أيمانكم " بمعنى : والذين عاقدت أيمانكم وأيمانهم الحلف بينكم وبينهم . 
قال أبو جعفر   : والذي نقول به في ذلك : إنهما قراءتان معروفتان مستفيضتان في قرأة أمصار المسلمين بمعنى واحد . 
وفي دلالة قوله : " أيمانكم " على أنها أيمان العاقدين والمعقود عليهم الحلف - مستغنى عن الدلالة على ذلك بقراءة قوله : " عقدت " " عاقدت " . وذلك أن الذين قرءوا ذلك : " عاقدت " قالوا : لا يكون عقد الحلف إلا من فريقين ، ولا بد لنا من دلالة في الكلام على أن ذلك كذلك . وأغفلوا موضع دلالة قوله : " أيمانكم " على أن معنى ذلك أيمانكم وأيمان المعقود عليهم ، وأن العقد إنما هو صفة للأيمان دون  [ ص: 273 ] العاقدين الحلف ، حتى زعم بعضهم أن ذلك إذا قرئ : عقدت أيمانكم  ، فالكلام محتاج إلى ضمير صفة تقي الكلام ، حتى يكون الكلام معناه : والذين عقدت لهم أيمانكم ذهابا منه عن الوجه الذي قلنا في ذلك ، من أن الأيمان معني بها أيمان الفريقين . 
وأما " عاقدت أيمانكم " فإنه في تأويل : عاقدت أيمان هؤلاء أيمان هؤلاء - الحلف . 
فهما متقاربان في المعنى ، وإن كانت قراءة من قرأ ذلك : " عقدت أيمانكم " بغير " ألف " - أصح معنى من قراءة من قرأه : " عاقدت " ؛ للذي ذكرنا من الدلالة المغنية في صفة الأيمان بالعقد ، على أنها أيمان الفريقين من الدلالة على ذلك بغيره . 
وأما معنى قوله : " عقدت أيمانكم " فإنه : وصلت وشدت ووكدت  [ ص: 274 ]  " أيمانكم " يعني : مواثيقكم التي واثق بعضكم بعضا فآتوهم نصيبهم   . 
ثم اختلف أهل التأويل في معنى " النصيب " الذي أمر الله أهل الحلف أن يؤتي بعضهم بعضا في الإسلام . 
فقال بعضهم : هو نصيبه من الميراث ؛ لأنهم في الجاهلية كانوا يتوارثون ، فأوجب الله في الإسلام من بعضهم لبعض بذلك الحلف ، وبمثله في الإسلام - من الموارثة مثل الذي كان لهم في الجاهلية . ثم نسخ ذلك بما فرض من الفرائض لذوي الأرحام والقرابات . 
ذكر من قال ذلك : 
9266 - حدثنا محمد بن حميد  قال : حدثنا  يحيى بن واضح ،  عن الحسن بن واقد ،  عن يزيد النحوي ،  عن عكرمة  والحسن البصري  في قوله : والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيد " قال : كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب ، فيرث أحدهما الآخر ، فنسخ الله ذلك في " الأنفال " فقال : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله   )  [ سورة الأنفال : 75 ] . 
9267 - حدثنا ابن بشار  قال : حدثنا محمد بن جعفر  قال : حدثنا شعبة ،  عن أبي بشر ،  عن سعيد بن جبير  في قول الله : " والذين عاقدت أيمانكم "  [ ص: 275 ] قال : كان الرجل يعاقد الرجل فيرثه ، وعاقد أبو بكر  رضي الله عنه مولى فورثه  . 
9268 - حدثني المثنى  قال : حدثنا عبد الله بن صالح  قال : حدثني معاوية ،  عن علي بن أبي طلحة ،  عن ابن عباس  قوله : " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " فكان الرجل يعاقد الرجل : أيهما مات ورثه الآخر . فأنزل الله : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا   ) [ سورة الأحزاب : 6 ] ، يقول : إلا أن يوصوا لأوليائهم الذين عاقدوا - وصية ، فهو لهم جائز من ثلث مال الميت . وذلك هو المعروف  . 
9269 - حدثنا بشر بن معاذ  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا سعيد ،  عن قتادة  قوله : " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شيء شهيدا " كان الرجل يعاقد الرجل في الجاهلية فيقول : " دمي دمك ، وهدمي هدمك ، وترثني وأرثك ، وتطلب بي وأطلب بك " . فجعل له السدس من جميع المال في الإسلام ، ثم يقسم أهل الميراث ميراثهم . فنسخ ذلك بعد في " سورة الأنفال " فقال الله : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله   )  [ سورة الأنفال : 6 ] . 
9270 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا عبد الرزاق  قال : أخبرنا  [ ص: 276 ] معمر ،  عن قتادة   : " والذين عاقدت أيمانكم " قال : كان الرجل في الجاهلية يعاقد الرجل فيقول : " دمي دمك ، وترثني وأرثك  ، وتطلب بي وأطلب بك " . فلما جاء الإسلام بقي منهم ناس ، فأمروا أن يؤتوهم نصيبهم من الميراث ، وهو السدس ، ثم نسخ ذلك بالميراث ، فقال : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض   )  . 
9271 - حدثني المثنى  قال : حدثنا الحجاج بن المنهال  قال : حدثنا همام بن يحيى  قال : سمعت قتادة  يقول ، في قوله : " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " وذلك أن الرجل كان يعاقد الرجل في الجاهلية فيقول : " هدمي هدمك ودمي دمك ، وترثني وأرثك ، وتطلب بي وأطلب بك " فجعل له السدس من جميع المال ، ثم يقتسم أهل الميراث ميراثهم . فنسخ ذلك بعد في " الأنفال " فقال : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله   ) ، فصارت المواريث لذوي الأرحام  . 
9272 - حدثنا ابن وكيع  قال : حدثنا أبي ، عن إسرائيل ،  عن جابر ،  عن عكرمة  قال : هذا حلف كان في الجاهلية ، كان الرجل يقول للرجل : " ترثني وأرثك ، وتنصرني وأنصرك ، وتعقل عني وأعقل عنك " . 
9273 - حدثت عن الحسين بن الفرج  قال : سمعت أبا معاذ  يقول ، أخبرنا عبيد بن سليمان  قال : سمعت الضحاك  يقول في قوله : " والذين عاقدت أيمانكم " كان الرجل يتبع الرجل فيعاقده : " إن مت فلك مثل ما يرث بعض ولدي " ! وهذا منسوخ  . 
 [ ص: 277 ]  9274 - حدثني محمد بن سعد  قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس  قوله : " ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم   " فإن الرجل في الجاهلية قد كان يلحق به الرجل فيكون تابعه ، فإذا مات الرجل صار لأهله وأقاربه الميراث ، وبقي تابعه ليس له شيء ، فأنزل الله : " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " فكان يعطى من ميراثه ، فأنزل الله بعد ذلك : ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله   )  . 
وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية في الذين آخى بينهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المهاجرين  والأنصار ،  فكان بعضهم يرث بعضا بتلك المؤاخاة ، ثم نسخ الله ذلك بالفرائض ، وبقوله : ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون   . 
ذكر من قال ذلك : 
9275 - حدثنا أبو كريب  قال : حدثنا أبو أسامة  قال : حدثنا إدريس بن يزيد  قال : حدثنا طلحة بن مصرف ،  عن سعيد بن جبير  ، عن ابن عباس  في قوله : " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " قال : كان المهاجرون  حين قدموا المدينة ، يرث المهاجري الأنصاري دون ذوي رحمه ، للأخوة التي آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بينهم . فلما نزلت هذه الآية : ولكل جعلنا موالي  ، نسخت  . 
 [ ص: 278 ]  9276 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : قال ابن زيد  في قوله : " والذين عاقدت أيمانكم " الذين عقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فآتوهم نصيبهم  ، إذا لم يأت رحم تحول بينهم . قال : وهو لا يكون اليوم ، إنما كان في نفر آخى بينهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانقطع ذلك . ولا يكون هذا لأحد إلا للنبي - صلى الله عليه وسلم - كان آخى بين المهاجرين  والأنصار ،  واليوم لا يؤاخى بين أحد . 
وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية في أهل العقد بالحلف ، ولكنهم أمروا أن يؤتي بعضهم بعضا أنصباءهم من النصرة والنصيحة وما أشبه ذلك ، دون الميراث . 
ذكر من قال ذلك : 
9277 - حدثنا أبو كريب  قال : حدثنا أبو أسامة  قال : حدثنا إدريس الأودي  قال : حدثنا طلحة بن مصرف ،  عن سعيد بن جبير ،  عن ابن عباس   : والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم  من النصر والنصيحة والرفادة ، ويوصي لهم ، وقد ذهب الميراث  . 
9278 - حدثنا  محمد بن بشار  قال : حدثنا عبد الرحمن  قال : حدثنا سفيان ،  عن منصور ،  عن مجاهد   : والذين عقدت أيمانكم   . قال : كان حلف في الجاهلية ، فأمروا في الإسلام أن يعطوهم نصيبهم من العقل والمشورة  [ ص: 279 ] والنصرة ، ولا ميراث  . 
9279 - حدثنا  ابن المثنى  قال : حدثنا محمد بن جعفر  قال : حدثنا شعبة ،  عن منصور ،  عن مجاهد  أنه قال في هذه الآية : " والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " من العون والنصر والحلف . 
9280 - حدثنا الحسن بن يحيى  قال : أخبرنا عبد الرزاق  قال : أخبرنا الثوري ،  عن منصور ،  عن مجاهد  في قول الله : " والذين عاقدت أيمانكم " قال : كان هذا حلفا في الجاهلية ، فلما كان الإسلام ، أمروا أن يؤتوهم نصيبهم من النصر والولاء والمشورة ، ولا ميراث . 
9281 - حدثنا زكريا بن يحيى بن أبي زائدة  قال : حدثنا حجاج ،  قال  ابن جريج   : " والذين عاقدت أيمانكم " أخبرني عبد الله بن كثير   : أنه سمع  مجاهدا  يقول : هو الحلف : عقدت أيمانكم   . قال : فآتوهم نصيبهم  ، قال : النصر . 
9282 - حدثني زكريا بن يحيى  قال : حدثنا حجاج ،  قال :  ابن جريج ،  أخبرني عطاء  قال : هو الحلف . قال : فآتوهم نصيبهم  ، قال : العقل والنصر  . 
9283 - حدثني محمد بن عمرو  قال : حدثنا أبو عاصم ،  عن عيسى ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  في قول الله : " والذين عاقدت أيمانكم " قال : لهم نصيبهم من النصر والرفادة والعقل .  [ ص: 280 ]  9284 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو حذيفة  قال : حدثنا شبل ،  عن ابن أبي نجيح ،  عن مجاهد  نحوه . 
9285 - حدثنا المثنى  قال : حدثنا الحماني  قال : حدثنا شريك ،  عن سالم ،  عن سعيد   : " والذين عاقدت أيمانكم " قال : هم الحلفاء  . 
9286 - حدثنا المثنى  قال : حدثنا الحماني  قال : حدثنا عباد بن العوام ،  عن خصيف ،  عن عكرمة  مثله . 
9287 - حدثنا محمد بن الحسين  قال : حدثنا أحمد بن مفضل  قال : حدثنا أسباط ،  عن  السدي   : " والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " أما " عقدت أيمانكم " فالحلف ، كالرجل في الجاهلية ينزل في القوم فيحالفونه على أنه منهم ، يواسونه بأنفسهم ، فإذا كان لهم حق أو قتال كان مثلهم ، وإذا كان له حق أو نصرة خذلوه . فلما جاء الإسلام سألوا عنه ، وأبى الله إلا أن يشدده . وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " لم يزد الإسلام الحلفاء إلا شدة  " . 
وقال آخرون : بل نزلت هذه الآية في الذين كانوا يتبنون أبناء غيرهم في الجاهلية ، فأمروا في الإسلام أن يوصوا لهم عند الموت وصية . 
ذكر من قال ذلك : 
9288 - حدثني المثنى  قال : حدثنا عبد الله بن صالح  قال : حدثني الليث ،  عن عقيل ،  عن ابن شهاب  قال : حدثني  سعيد بن المسيب   : أن الله قال : " ولكل جعلنا موالي مما ترك الوالدان والأقربون والذين عاقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم " قال  سعيد بن المسيب   : إنما نزلت هذه الآية في الذين كانوا يتبنون  [ ص: 281 ] رجالا غير أبنائهم ويورثونهم ، فأنزل الله فيهم ، فجعل لهم نصيبا في الوصية ، ورد الميراث إلى الموالي في ذي الرحم والعصبة ، وأبى الله للمدعين ميراثا ممن ادعاهم وتبناهم ، ولكن الله جعل لهم نصيبا في الوصية . 
قال أبو جعفر   : وأولى الأقوال بالصواب في تأويل قوله : والذين عقدت أيمانكم  ، قول من قال : " والذين عقدت أيمانكم على المحالفة ، وهم الحلفاء " . وذلك أنه معلوم عند جميع أهل العلم بأيام العرب وأخبارها - أن عقد الحلف بينها كان يكون بالأيمان والعهود والمواثيق ، على نحو ما قد ذكرنا من الرواية في ذلك . 
فإذ كان الله - جل ثناؤه - إنما وصف الذين عقدت أيمانهم ما عقدوه بها بينهم ، دون من لم تعقد عقدا بينهم أيمانهم ، وكانت مؤاخاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بين من آخى بينه وبينه من المهاجرين والأنصار  لم تكن بينهم بأيمانهم ، وكذلك التبني - كان معلوما أن الصواب من القول في ذلك قول من قال : " هو الحلف " دون غيره ؛ لما وصفناه من العلة . 
وأما قوله : " فآتوهم نصيبهم " فإن أولى التأويلين به ، ما عليه الجميع مجمعون من حكمه الثابت ، وذلك إيتاء أهل الحلف الذي كان في الجاهلية دون الإسلام بعضهم بعضا أنصباءهم من النصرة والنصيحة والرأي ، دون الميراث . وذلك لصحة الخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : " لا حلف في الإسلام ، وما كان من حلف في الجاهلية ، فلم يزده الإسلام إلا شدة   " . 
9289 - حدثنا بذلك أبو كريب  قال : حدثنا  وكيع ،  عن شريك ،  عن  [ ص: 282 ] سماك ،  عن عكرمة ،  عن ابن عباس ،  عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . 
9290 - وحدثنا أبو كريب  قال : حدثنا مصعب بن المقدام ،  عن  إسرائيل بن يونس ،  عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة ،  عن عكرمة ،  عن ابن عباس  قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا حلف في الإسلام ، وكل حلف كان في الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة . وما يسرني أن لي حمر النعم ، وأنى نقضت الحلف الذي كان في دار الندوة  . 
9291 - حدثنا ابن حميد  قال : حدثنا جرير ،  عن مغيرة ،  عن أبيه ، عن شعبة بن التوأم الضبي   : أن قيس بن عاصم  سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحلف فقال : لا حلف في الإسلام ، ولكن تمسكوا بحلف الجاهلية  . 
 [ ص: 283 ]  9292 - حدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : حدثنا هشيم  قال : أخبرنا مغيرة ،  عن أبيه ، عن شعبة بن التوأم ،  عن قيس بن عاصم   : أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحلف ، قال : فقال : ما كان من حلف في الجاهلية فتمسكوا به ، ولا حلف في الإسلام  . 
9293 - حدثنا أبو كريب  قال : حدثنا  وكيع ،  عن داود بن أبي عبد الله ،  عن ابن جدعان ،  عن جدته ، عن أم سلمة   : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لا حلف في الإسلام ، وما كان من حلف في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة  " . 
 [ ص: 284 ]  9294 - حدثنا حميد بن مسعدة  قال : حدثنا حسين المعلم  وحدثنا مجاهد بن موسى  قال : حدثنا  يزيد بن هارون  قال : حدثنا حسين المعلم  وحدثنا حاتم بن بكر الضبي  قال : حدثنا عبد الأعلى ،  عن حسين المعلم  قال : حدثنا أبي ، عن عمرو بن شعيب ،  عن أبيه ، عن جده : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته يوم فتح مكة   : فوا بحلف ، فإنه لا يزيده الإسلام إلا شدة ، ولا تحدثوا حلفا في الإسلام  " . 
 [ ص: 285 ]  9295 - حدثنا أبو كريب  وعبدة بن عبد الله الصفار  قالا : حدثنا محمد بن بشر  قال : حدثنا زكريا بن أبي زائدة  قال : حدثني سعد بن إبراهيم ،  عن أبيه ، عن جبير بن مطعم   : أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا حلف في الإسلام ، وأيما حلف كان في الجاهلية ، فلم يزده الإسلام إلا شدة  . 
 [ ص: 286 ]  9296 - حدثنا حميد بن مسعدة  ومحمد بن عبد الأعلى  قالا : حدثنا بشر بن المفضل  قال : حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق  وحدثني يعقوب بن إبراهيم  قال : حدثنا  ابن علية ،  عن عبد الرحمن بن إسحاق  عن الزهري ،  عن محمد بن جبير بن مطعم ،  عن أبيه ، عن عبد الرحمن بن عوف ،  أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : شهدت حلف المطيبين . وأنا غلام مع عمومتي ، فما أحب أن لي حمر النعم وأني أنكثه . زاد يعقوب  في حديثه عن  ابن علية  ، قال : وقال الزهري   : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لم يصب الإسلام حلفا إلا زاده شدة . قال : ولا حلف في الإسلام  . قال : وقد ألف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين قريش  والأنصار   . 
 [ ص: 287 ]  9297 - حدثنا تميم بن المنتصر  قال : حدثنا يزيد  قال : حدثنا محمد بن إسحاق ،  عن عمرو بن شعيب ،  عن أبيه ، عن جده ، قال : لما دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكة  عام الفتح ، قام خطيبا في الناس فقال : " يا أيها الناس ، ما كان من حلف في الجاهلية فإن الإسلام لم يزده إلا شدة ، ولا حلف في الإسلام  " . 
9298 - حدثنا أبو كريب  قال : حدثنا  يونس بن بكير  قال : حدثنا محمد بن إسحاق ،  عن عمرو بن شعيب ،  عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه . 
9299 - حدثنا أبو كريب  قال : حدثنا خالد بن مخلد  قال : حدثنا  سليمان بن بلال  قال : حدثنا عبد الرحمن بن الحارث ،  عن عمرو بن شعيب ،  عن أبيه ، عن جده ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - نحوه . 
 [ ص: 288 ] قال أبو جعفر   : فإذ كان ما ذكرنا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صحيحا ، وكانت الآية إذا اختلف في حكمها : منسوخ هو أم غير منسوخ - غير جائز القضاء عليه بأنه منسوخ - مع اختلاف المختلفين فيه ، ولوجوب حكمها ونفي النسخ عنه وجه صحيح - إلا بحجة يجب التسليم لها ، لما قد بينا في غير موضع من كتبنا الدلالة على صحة القول بذلك - فالواجب أن يكون الصحيح من القول في تأويل قوله : والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم  ، هو ما ذكرنا من التأويل ، وهو أن قوله : عقدت أيمانكم  من الحلف ، وقوله : فآتوهم نصيبهم  من النصرة والمعونة والنصيحة والرأي ، على ما أمر به من ذلك - رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الأخبار التي ذكرناها عنه دون قول من قال : " معنى قوله : فآتوهم نصيبهم ، من الميراث " وأن ذلك كان حكما ثم نسخ بقوله : وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله  ، ودون ما سوى القول الذي قلناه في تأويل ذلك . 
وإذ صح ما قلنا في ذلك ، وجب أن تكون الآية محكمة لا منسوخة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					