القول في تأويل قوله ( وآتوا النساء صدقاتهن نحلة   )  
قال أبو جعفر   : يعني بذلك تعالى ذكره : وأعطوا النساء مهورهن عطية واجبة ، وفريضة لازمة . 
يقال منه : "نحل فلان فلانا كذا فهو ينحله نحلة ونحلا" ، كما : - 
8506 - حدثنا بشر بن معاذ  قال : حدثنا  يزيد بن زريع  قال : حدثنا  [ ص: 553 ] سعيد ،  عن قتادة  قوله : " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة   " ، يقول : فريضة . 
8507 - حدثني المثنى  قال : حدثنا أبو صالح  قال : أخبرني معاوية بن صالح ،  عن علي بن أبي طلحة ،  عن ابن عباس  قوله : " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة   " ، يعني ب"النحلة" ، المهر . 
8508 - حدثنا القاسم  قال : حدثنا الحسين  قال : حدثني حجاج ،  عن  ابن جريج  قوله : " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة   " ، قال : فريضة مسماة . 
8509 - حدثني يونس  قال : أخبرنا ابن وهب  قال : سمعت ابن زيد  يقول في قوله : " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة   " ، قال : "النحلة" في كلام العرب ، الواجب يقول : لا ينكحها إلا بشيء واجب لها ، صدقة يسميها لها واجبة ، وليس ينبغي لأحد أن ينكح امرأة ، بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا بصداق واجب ، ولا ينبغي أن يكون تسمية الصداق كذبا بغير حق . 
وقال آخرون : بل عنى بقوله : " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة   " ، أولياء النساء ، وذلك أنهم كانوا يأخذون صدقاتهن . 
ذكر من قال ذلك : 
8510 - حدثني المثنى  قال : حدثنا  عمرو بن عون  قال : حدثنا هشيم ،  عن سيار ،  عن أبي صالح  قال : كان الرجل إذا زوج أيمه أخذ صداقها دونها ، فنهاهم الله تبارك وتعالى عن ذلك ، ونزلت : " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة   "  . 
وقال آخرون : بل كان ذلك من أولياء النساء ، بأن يعطي الرجل أخته لرجل ، على أن يعطيه الآخر أخته ، على أن لا كثير مهر بينهما  ، فنهوا عن ذلك .  [ ص: 554 ] 
ذكر من قال ذلك : 
8511 - حدثنا محمد بن عبد الأعلى  قال : حدثنا المعتمر بن سليمان ،  عن أبيه قال : زعم حضرمي أن أناسا كانوا يعطي هذا الرجل أخته ، ويأخذ أخت الرجل ، ولا يأخذون كثير مهر ، فقال الله تبارك وتعالى : " وآتوا النساء صدقاتهن نحلة   " . 
قال أبو جعفر   : وأولى التأويلات التي ذكرناها في ذلك ، التأويل الذي قلناه . وذلك أن الله تبارك وتعالى ابتدأ ذكر هذه الآية بخطاب الناكحين النساء ، ونهاهم عن ظلمهن والجور عليهن ، وعرفهم سبيل النجاة من ظلمهن . ولا دلالة في الآية على أن الخطاب قد صرف عنهم إلى غيرهم . فإذ كان ذلك كذلك ، فمعلوم أن الذين قيل لهم : " فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع   " ، هم الذين قيل لهم : " وآتوا النساء صدقاتهن   " وأن معناه : وآتوا من نكحتم من النساء صدقاتهن نحلة ، لأنه قال في أول [ الآية ] : " فانكحوا ما طاب لكم من النساء   " ، ولم يقل : "فأنكحوا" ، فيكون قوله : " وآتوا النساء صدقاتهن   " ، مصروفا إلى أنه معني به أولياء النساء دون أزواجهن . 
وهذا أمر من الله أزواج النساء المدخول بهن والمسمى لهن الصداق ، أن يؤتوهن صدقاتهن ، دون المطلقات قبل الدخول ممن لم يسم لها في عقد النكاح صداق . 
				
						
						
