( وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها  ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ   ( 108 ) ) 
يقول تعالى : ( وأما الذين سعدوا   ) وهم أتباع الرسل ، ( ففي الجنة   ) أي : فمأواهم الجنة ، ( خالدين فيها   ) أي : ماكثين مقيمين فيها أبدا ، ( ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك   ) معنى الاستثناء هاهنا : أن دوامهم فيما هم فيه من النعيم ، ليس أمرا واجبا بذاته ، بل هو موكول إلى مشيئة الله تعالى ، فله المنة عليهم [ دائما ] ، ولهذا يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهمون النفس . 
وقال الضحاك ،  والحسن البصري   : هي في حق عصاة الموحدين الذين كانوا في النار ، ثم أخرجوا منها . وعقب ذلك بقوله : ( عطاء غير مجذوذ   ) أي : غير مقطوع - قاله ابن عباس ،  ومجاهد ،   وأبو العالية  وغير واحد ، لئلا يتوهم متوهم بعد ذكره المشيئة أن ثم انقطاعا ، أو لبسا ، أو شيئا بل ختم له بالدوام وعدم الانقطاع . كما بين هنا أن عذاب أهل النار في النار دائما مردود إلى مشيئته ، وأنه بعدله وحكمته عذبهم; ولهذا قال : ( إن ربك فعال لما يريد   ) [ هود : 107 ] كما قال ( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون   ) [ الأنبياء : 23 ] ، وهنا طيب القلوب وثبت المقصود بقوله : ( عطاء غير مجذوذ   ) .  [ ص: 353 ] 
يا أهل الجنة ، خلود فلا موت ، ويا أهل النار ، خلود فلا موت . 
وفي الصحيحين أيضا :  " فيقال يا أهل الجنة ، إن لكم أن تعيشوا فلا تموتوا أبدا ، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدا ، وإن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا ، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا "  . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					