( ونادى أصحاب الجنة أصحاب النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا  فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم فأذن مؤذن بينهم أن لعنة الله على الظالمين   ( 44 ) الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا وهم بالآخرة كافرون   ( 45 ) ) . 
يخبر تعالى بما يخاطب أهل الجنة أهل النار إذا استقروا في منازلهم ، وذلك على وجه التقريع والتوبيخ : (أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا   ) أن " هاهنا مفسرة للقول المحذوف ، و " قد " للتحقيق ، أي : قالوا لهم : ( قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا قالوا نعم   ) كما أخبر تعالى في سورة " الصافات " عن الذي كان له قرين من الكفار : ( فاطلع فرآه في سواء الجحيم  قال تالله إن كدت لتردين  ولولا نعمة ربي لكنت من المحضرين  أفما نحن بميتين  إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين   ) [ الآيات : 55 - 59 ]  [ ص: 417 ] أي : ينكر عليه مقالته التي يقولها في الدنيا ، ويقرعه بما صار إليه من العذاب والنكال ، وكذا تقرعهم الملائكة يقولون لهم : ( هذه النار التي كنتم بها تكذبون  أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون  اصلوها فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم إنما تجزون ما كنتم تعملون   ) [ الطور : 14 - 16 ] وكذلك قرع رسول الله صلى الله عليه وسلم قتلى القليب يوم بدر ، فنادى : " يا أبا جهل بن هشام ،  ويا عتبة بن ربيعة ،  ويا شيبة بن ربيعة   - وسمى رءوسهم - : هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقا " وقال عمر   : يا رسول الله ، تخاطب قوما قد جيفوا؟ فقال : " والذي نفسي بيده ، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ، ولكن لا يستطيعون أن يجيبوا  " 
وقوله : ( فأذن مؤذن بينهم   ) أي : أعلم معلم ونادى مناد : ( أن لعنة الله على الظالمين   ) أي : مستقرة عليهم . 
ثم وصفهم بقوله : ( الذين يصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا   ) أي : يصدون الناس عن اتباع سبيل الله وشرعه وما جاءت به الأنبياء ، ويبغون أن تكون السبيل معوجة غير مستقيمة ، حتى لا يتبعها أحد . ( وهم بالآخرة كافرون   ) أي : وهم بلقاء الله في الدار الآخرة كافرون ، أي : جاحدون مكذبون بذلك لا يصدقونه ولا يؤمنون به . فلهذا لا يبالون بما يأتون من منكر من القول والعمل; لأنهم لا يخافون حسابا عليه ، ولا عقابا ، فهم شر الناس أعمالا وأقوالا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					