[ ص: 5 ] تفسير سورة آل عمران 
هي مدنية ، لأن صدرها إلى ثلاث وثمانين آية منها نزلت في وفد نجران ، وكان قدومهم في سنة تسع من الهجرة ، كما سيأتي بيان ذلك ، إن شاء الله تعالى عند تفسير آية المباهلة منها ، وقد ذكرنا ما ورد في فضلها مع سورة البقرة في أول تفسير [ سورة ] البقرة . 
( الم   ( 1 ) الله لا إله إلا هو الحي القيوم    ( 2 ) نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل   ( 3 ) من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام   ( 4 ) ) 
وقد ذكرنا الحديث الوارد في أن اسم الله الأعظم  في هاتين الآيتين : ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم   ) و ( الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم   ) عند تفسير آية الكرسي ، وتقدم الكلام على قوله تعالى : ( الم   ) في أول سورة البقرة ، بما أغنى عن إعادته ، وتقدم أيضا الكلام على قوله : ( الله لا إله إلا هو الحي القيوم   ) في تفسير آية الكرسي . 
وقوله تعالى ( نزل عليك الكتاب بالحق   ) يعني : نزل عليك القرآن يا محمد   ) بالحق ) أي : لا شك فيه ولا ريب ، بل هو منزل من عند الله [ عز وجل ] أنزله بعلمه والملائكة يشهدون ، وكفى بالله شهيدا . 
وقوله : ( مصدقا لما بين يديه   ) أي : من الكتب المنزلة قبله من السماء على عباد الله الأنبياء ، فهي تصدقه بما أخبرت به وبشرت في قديم الزمان ، وهو يصدقها ، لأنه طابق ما أخبرت به وبشرت ، من الوعد من الله بإرسال محمد صلى الله عليه وسلم ، وإنزال القرآن العظيم عليه . 
وقوله : ( وأنزل التوراة ) أي : على موسى بن عمران   [ عليه السلام ] ) والإنجيل ) أي : على عيسى ابن مريم   . 
( من قبل   ) أي : من قبل هذا القرآن . ) هدى للناس ) أي : في زمانهما ( وأنزل الفرقان   ) وهو الفارق بين الهدى والضلال ، والحق والباطل ، والغي والرشاد ، بما يذكره الله تعالى من الحجج والبينات ، والدلائل الواضحات ، والبراهين القاطعات ، ويبينه ويوضحه ويفسره ويقرره ، ويرشد إليه وينبه عليه من ذلك . 
وقال قتادة   والربيع بن أنس   : الفرقان هاهنا القرآن . واختار ابن جرير  أنه مصدر هاهنا ، لتقدم ذكر  [ ص: 6 ] القرآن في قوله : ( نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه   ) وهو القرآن . وأما ما رواه ابن أبي حاتم  عن أبي صالح  أن المراد هاهنا بالفرقان : التوراة فضعيف أيضا ، لتقدم ذكرها ، والله أعلم 
وقوله تعالى : ( إن الذين كفروا بآيات الله ) أي : جحدوا بها وأنكروها ، وردوها بالباطل ( لهم عذاب شديد   ) أي : يوم القيامة ) والله عزيز ) أي : منيع الجناب عظيم السلطان ) ذو انتقام ) أي : ممن كذب بآياته وخالف رسله الكرام ، وأنبياءه العظام . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					