[ ص: 384 ] تفسير سورة الغاشية وهي مكية . 
قد تقدم عن النعمان بن بشير   : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ ب " سبح اسم ربك الأعلى   " والغاشية في صلاة العيد ويوم الجمعة  . 
وقال الإمام مالك  ، عن ضمرة بن سعيد  ، عن عبيد الله بن عبد الله   : أن الضحاك بن قيس  سأل النعمان بن بشير   : بم كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقرأ في الجمعة مع سورة الجمعة ؟ قال : " هل أتاك حديث الغاشية    "  . 
رواه أبو داود  عن القعنبي ،   والنسائي  عن قتيبة ،  كلاهما عن مالك  به ، ورواه مسلم   وابن ماجه  ، من حديث سفيان بن عيينة  ، عن ضمرة بن سعيد  ، به . 
بسم الله الرحمن الرحيم 
( هل أتاك حديث الغاشية    ( 1 ) وجوه يومئذ خاشعة   ( 2 ) عاملة ناصبة   ( 3 ) تصلى نارا حامية   ( 4 ) تسقى من عين آنية   ( 5 ) ليس لهم طعام إلا من ضريع   ( 6 ) لا يسمن ولا يغني من جوع   ( 7 ) ) 
الغاشية : من أسماء يوم القيامة . قاله ابن عباس  ، وقتادة ،  وابن زيد   ; لأنها تغشى الناس وتعمهم . وقد قال ابن أبي حاتم   : 
حدثنا أبي ، حدثنا  علي بن محمد الطنافسي  ، حدثنا أبو بكر بن عياش  ، عن أبي إسحاق  ، عن عمرو بن ميمون  قال : مر النبي - صلى الله عليه وسلم - على امرأة تقرأ : ( هل أتاك حديث الغاشية   ) فقام يستمع ويقول : " نعم ، قد جاءني "  . 
وقوله : ( وجوه يومئذ خاشعة   ) أي : ذليلة . قاله قتادة   . وقال ابن عباس   : تخشع ولا ينفعها عملها . 
وقوله : ( عاملة ناصبة   ) أي : قد عملت عملا كثيرا ، ونصبت فيه ، وصليت يوم القيامة نارا حامية . 
 [ ص: 385 ] 
وقال الحافظ أبو بكر البرقاني   : حدثنا إبراهيم بن محمد المزكى  ، حدثنا  محمد بن إسحاق السراج  ، حدثنا هارون بن عبد الله  ، حدثنا سيار  حدثنا جعفر  قال : سمعت أبا عمران الجوني  يقول : مر  عمر بن الخطاب  ، رضي الله عنه ، بدير راهب ، قال : فناداه : يا راهب [ يا راهب ] فأشرف . قال : فجعل عمر  ينظر إليه ويبكي . فقيل له : يا أمير المؤمنين ، ما يبكيك من هذا ؟ قال : ذكرت قول الله ، - عز وجل - في كتابه : ( عاملة ناصبة تصلى نارا حامية   ) فذاك الذي أبكاني  . 
وقال  البخاري   : قال ابن عباس   : ( عاملة ناصبة   ) النصارى   . 
وعن عكرمة ،   والسدي   : ( عاملة   ) في الدنيا بالمعاصي ( ناصبة   ) في النار بالعذاب والأغلال  . 
قال ابن عباس  ، والحسن ،  وقتادة   : ( تصلى نارا حامية   ) أي : حارة شديدة الحر ( تسقى من عين آنية   ) أي : قد انتهى حرها وغليانها . قاله ابن عباس  ، ومجاهد ،  والحسن ،   والسدي   . 
وقوله : ( ليس لهم طعام إلا من ضريع   ) قال علي بن أبي طلحة  ، عن ابن عباس   : شجر من نار  . 
وقال سعيد بن جبير   : هو الزقوم . وعنه : أنها الحجارة . 
وقال ابن عباس  ، ومجاهد ،  وعكرمة ،  وأبو الجوزاء  ، وقتادة   : هو الشبرق . قال قتادة   : قريش تسميه في الربيع الشبرق ، وفي الصيف الضريع . قال عكرمة   : وهو شجرة ذات شوك لاطئة بالأرض . 
وقال  البخاري   : قال مجاهد   : الضريع نبت يقال له : الشبرق ، يسميه أهل الحجاز الضريع إذا يبس ، وهو سم . 
وقال معمر ،  عن قتادة   : ( إلا من ضريع   ) هو الشبرق ، إذا يبس سمي الضريع  . 
وقال سعيد ،  عن قتادة   : ( ليس لهم طعام إلا من ضريع   ) من شر الطعام وأبشعه وأخبثه  . 
وقوله : ( لا يسمن ولا يغني من جوع   ) يعني : لا يحصل به مقصود ، ولا يندفع به محذور . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					