( إن المتقين في جنات ونعيم    ( 17 ) فاكهين بما آتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم   ( 18 ) كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون   ( 19 ) متكئين على سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين   ( 20 ) ) 
يخبر تعالى عن حال السعداء فقال : ( إن المتقين في جنات ونعيم   ) ، وذلك بضد ما أولئك فيه من العذاب والنكال . 
( فاكهين بما آتاهم ربهم   ) أي : يتفكهون بما آتاهم الله من النعيم ، من أصناف الملاذ ، من مآكل ومشارب وملابس ومساكن ومراكب وغير ذلك ، ( ووقاهم ربهم عذاب الجحيم   ) أي : وقد نجاهم من عذاب النار ، وتلك نعمة مستقلة بذاتها على حدتها مع ما أضيف إليها من دخول الجنة التي فيها من السرور ما لا عين رأت  ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر . 
وقوله : ( كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون   ) ، كقوله : ( كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية   ) [ الحاقة : 24 ] . أي هذا بذاك ، تفضلا منه وإحسانا . 
وقوله : ( متكئين على سرر مصفوفة   ) قال الثوري  ، عن حصين  ، عن مجاهد  ، عن ابن عباس   : السرر في الحجال . 
وقال ابن أبي حاتم   : حدثنا أبي ، حدثنا أبو اليمان  ، حدثنا  صفوان بن عمرو ;  أنه سمع الهيثم بن  [ ص: 432 ] مالك الطائي  يقول : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الرجل ليتكئ المتكأ مقدار أربعين سنة ما يتحول عنه ولا يمله ، يأتيه ما اشتهت نفسه ولذت عينه  " . 
وحدثنا أبي ، حدثنا هدبة بن خالد  ، عن  سليمان بن المغيرة  ، عن ثابت  قال : بلغنا أن الرجل ليتكئ في الجنة سبعين سنة ، عنده من أزواجه وخدمه وما أعطاه الله من الكرامة والنعيم ، فإذا حانت منه نظرة فإذا أزواج له لم يكن رآهن قبل ذلك ، فيقلن : قد آن لك أن تجعل لنا منك نصيبا . 
ومعنى ) مصفوفة ) أي : وجوه بعضهم إلى بعض ، كقوله : ( على سرر متقابلين   ) [ الصافات : 44 ] . ( وزوجناهم بحور عين   ) أي : وجعلناهم قرينات صالحات ، وزوجات حسانا من الحور العين . 
وقال مجاهد   : ( وزوجناهم   ) : أنكحناهم بحور عين ، وقد تقدم وصفهن في غير موضع بما أغنى عن إعادته . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					