( ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد    ( 4 ) كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق فأخذتهم فكيف كان عقاب   ( 5 ) وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار   ( 6 ) ) 
يقول تعالى : ما يدفع الحق ويجادل فيه بعد البيان وظهور البرهان ( إلا الذين كفروا   ) أي : الجاحدون لآيات الله وحججه وبراهينه ، ( فلا يغررك تقلبهم في البلاد   ) أي : في أموالهم ونعيمها وزهرتها ، كما قال : ( لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد . متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد   ) [ آل عمران : 196 ، 197 ] ، وقال تعالى : ( نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ   ) [ لقمان : 24 ] . 
ثم قال تعالى مسليا لنبيه محمد   - صلى الله عليه وسلم - في تكذيب من كذبه من قومه ، بأن له أسوة من سلف من الأنبياء ; فإنه قد كذبهم أممهم وخالفوهم ، وما آمن بهم منهم إلا قليل ، فقال : ( كذبت قبلهم قوم نوح   ) وهو أول رسول بعثه الله ينهى عن عبادة الأوثان ، ( والأحزاب من بعدهم   ) أي : من كل أمة ، ( وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه   ) أي : حرصوا على قتله بكل ممكن ، ومنهم من قتل رسوله ، ( وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق   ) أي : ماحلوا بالشبهة ليردوا الحق الواضح الجلي . 
وقد قال  أبو القاسم الطبراني   : حدثنا علي بن عبد العزيز  ، حدثنا  عارم أبو النعمان  ، حدثنا معتمر بن سليمان  قال : سمعت أبي يحدث عن حنش  ، عن عكرمة  ، عن ابن عباس   [ رضي الله عنه ] ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من أعان باطلا ليدحض بباطله حقا ، فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله  " . 
وقوله : ( فأخذتهم ) أي : أهلكتهم على ما صنعوا من هذه الآثام والذنوب العظام ، ( فكيف كان عقاب   ) أي : فكيف بلغك عذابي لهم ، ونكالي بهم ؟ قد كان شديدا موجعا مؤلما . 
قال قتادة   : كان والله شديدا . 
 [ ص: 130 ] 
وقوله : ( وكذلك حقت كلمة ربك على الذين كفروا أنهم أصحاب النار   ) أي : كما حقت كلمة العذاب على الذين كفروا من الأمم السالفة ، كذلك حقت على المكذبين من هؤلاء الذين كذبوك وخالفوك يا محمد  بطريق الأولى والأحرى ; لأن من كذبك فلا وثوق له بتصديق غيرك . 
				
						
						
