[ ص: 457 ]  ( إن الله وملائكته يصلون على النبي ياأيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما   ( 56 ) ) 
قال  البخاري   : قال أبو العالية   : صلاة الله : ثناؤه عليه عند الملائكة ، وصلاة الملائكة : الدعاء . وقال ابن عباس   : يصلون : يبركون . هكذا علقه  البخاري  عنهما . 
وقد رواه أبو جعفر الرازي  ، عن الربيع بن أنس  ، عن أبي العالية  كذلك . وروي مثله عن الربيع  أيضا . وروى علي بن أبي طلحة  ، عن ابن عباس  كما قاله سواء ، رواهما ابن أبي حاتم   . 
وقال أبو عيسى الترمذي   : وروي عن  سفيان الثوري  وغير واحد من أهل العلم قالوا : صلاة الرب : الرحمة ، وصلاة الملائكة : الاستغفار . 
ثم قال ابن أبي حاتم   : حدثنا عمرو الأودي  ، حدثنا  وكيع  ، عن الأعمش ،  عن عمرو بن مرة  ، قال الأعمش  عن عطاء بن أبي رباح   ( إن الله وملائكته يصلون على النبي    ) قال : صلاته تبارك وتعالى : سبوح قدوس ، سبقت رحمتي غضبي . 
والمقصود من هذه الآية : أن الله سبحانه أخبر عباده بمنزلة عبده ونبيه عنده في الملأ الأعلى ، بأنه يثني عليه عند الملائكة المقربين ، وأن الملائكة تصلي عليه . ثم أمر تعالى أهل العالم السفلي بالصلاة والتسليم عليه ، ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعا . 
وقد قال ابن أبي حاتم   : حدثنا علي بن الحسين  ، حدثنا أحمد بن عبد الرحمن  ، حدثني أبي ، عن أبيه ، عن أشعث بن إسحاق  ، عن جعفر - يعني : ابن المغيرة -  عن سعيد بن جبير ،  عن ابن عباس   : أن بني إسرائيل  قالوا لموسى  عليه السلام : هل يصلي ربك ؟ فناداه ربه : يا موسى ،  سألوك : " هل يصلي ربك ؟ " فقل : نعم ، إنما أصلي أنا وملائكتي على أنبيائي ورسلي . فأنزل الله عز وجل ، على نبيه صلى الله عليه وسلم : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما   ) . 
وقد أخبر أنه سبحانه وتعالى ، يصلي على عباده المؤمنين في قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيما   ) [ الأحزاب : 41 - 43 ] . وقال تعالى : ( وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون   ) [ البقرة : 155 - 157 ] . وفي الحديث :  " إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف "  . وفي  [ ص: 458 ] الحديث الآخر : " اللهم ، صل على آل أبي أوفى "  . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة جابر   - وقد سألته أن يصلي عليها وعلى زوجها  - " صلى الله عليك ، وعلى زوجك  . 
وقد جاءت الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمر بالصلاة عليه ، وكيفية الصلاة عليه  ، ونحن نذكر منها إن شاء الله تعالى ما تيسر ، والله المستعان . 
قال  البخاري   - عند تفسير هذه الآية - : حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد  ، حدثنا أبي ، عن مسعر ،  عن الحكم ،  عن  ابن أبي ليلى ،  عن  كعب بن عجرة  قال : قيل : يا رسول الله ، أما السلام عليك فقد عرفناه ، فكيف الصلاة ؟ فقال : " قولوا : اللهم ، صل على محمد ،  وعلى آل محمد ،   [ كما صليت على آل إبراهيم ،  إنك حميد مجيد . اللهم ، بارك على محمد  وعلى آل محمد   ] كما باركت على آل إبراهيم ،  إنك حميد مجيد "  . 
وقال  الإمام أحمد   : حدثنا محمد بن جعفر  ، حدثنا شعبة  ، عن الحكم  قال : سمعت  ابن أبي ليلى  قال : لقيني  كعب بن عجرة  فقال : ألا أهدي لك هدية ؟ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا : يا رسول الله ، قد علمنا - أو : عرفنا - كيف السلام عليك ، فكيف الصلاة ؟ قال : " قولوا : اللهم ، صل على محمد  وعلى آل محمد ،  كما صليت على [ آل ] إبراهيم  إنك حميد مجيد . اللهم بارك على محمد  وعلى آل محمد ،  كما باركت على آل إبراهيم ،  إنك حميد مجيد "  . 
وهذا الحديث قد أخرجه الجماعة في كتبهم ، من طرق متعددة ، عن الحكم   - وهو ابن عتبة  زاد  البخاري   : وعبد الله بن عيسى  ، كلاهما عن عبد الرحمن بن أبي ليلى  ، فذكره . 
وقال ابن أبي حاتم   : حدثنا الحسن بن عرفة  ، حدثنا هشيم بن بشير  ، عن  يزيد بن أبي زياد  ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي ليلى  ، عن  كعب بن عجرة  قال : لما نزلت : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما   ) . قال : قلنا : يا رسول الله ، قد علمنا السلام فكيف الصلاة عليك ؟ قال : " قولوا : اللهم صل على محمد  وعلى آل محمد ،  كما صليت على إبراهيم  وعلى آل إبراهيم ،  إنك حميد مجيد . وبارك على محمد  وعلى آل محمد ،  كما  [ ص: 459 ] باركت على إبراهيم  وعلى آل إبراهيم   . إنك حميد مجيد "  . وكان عبد الرحمن بن أبي ليلى  يقول : وعلينا معهم . 
ورواه الترمذي  بهذه الزيادة . 
ومعنى قولهم : " أما السلام عليك فقد عرفناه " : هو الذي في التشهد الذي كان يعلمهم إياه ، كما كان يعلمهم السورة من القرآن ، وفيه :  " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته "  . 
حديث آخر : قال  البخاري   : حدثنا عبد الله بن يوسف  ، حدثنا الليث ،  عن ابن الهاد  ، عن عبد الله بن خباب  ، عن  أبي سعيد الخدري  ، رضي الله عنه ، قال : قلنا : يا رسول الله ، هذا السلام فكيف نصلي عليك : قال : " قولوا : اللهم صل على محمد  عبدك ورسولك ، كما صليت على آل إبراهيم   . وبارك على محمد  وعلى آل محمد ،  كما باركت على آل إبراهيم   "  . [ وفي رواية ] : قال أبو صالح  ، عن الليث   :  " على محمد  وعلى آل محمد ،  كما باركت على آل إبراهيم   "  . 
حدثنا إبراهيم بن حمزة  ، حدثنا ابن أبي حازم   والدراوردي ،  عن يزيد - يعني ابن الهاد - قال : " كما صليت على إبراهيم ،  وبارك على محمد  وآل محمد ،  كما باركت على إبراهيم  وآل إبراهيم   "  . 
وأخرجه  النسائي   وابن ماجه  ، من حديث ابن الهاد  ، به . 
حديث آخر : قال  الإمام أحمد   : قرأت على عبد الرحمن   : مالك ،  عن عبد الله بن أبي بكر  ، عن أبيه ، عن عمرو بن سليم  أنه قال : أخبرني أبو حميد الساعدي  أنهم قالوا : يا رسول الله ، كيف نصلي عليك ؟ قال : " قولوا : اللهم " صل على محمد  وأزواجه وذريته ، كما صليت على [ آل ] إبراهيم ،  وبارك على محمد  وأزواجه وذريته ، كما باركت على آل إبراهيم  ، إنك حميد مجيد "  . 
وقد أخرجه بقية الجماعة ، سوى الترمذي ،  من حديث مالك ،  به . 
حديث آخر : قال مسلم   : حدثنا يحيى التميمي  قال : قرأت على مالك ،  عن  نعيم بن عبد الله المجمر  ، أخبرني محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري   - قال : وعبد الله بن زيد  هو الذي كان أري النداء بالصلاة - أخبره عن  أبي مسعود الأنصاري   - قال : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في مجلس سعد بن عبادة  ، فقال له بشير بن سعد   : أمرنا الله أن نصلي عليك [ يا رسول الله ] ، فكيف نصلي عليك ؟ قال : فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قولوا : اللهم صل على محمد  ، وعلى آل محمد ،  كما صليت على آل إبراهيم ،  وبارك على محمد  وعلى آل محمد ،  كما باركت على آل إبراهيم  في العالمين ، إنك حميد مجيد ، والسلام كما قد علمتم "  . 
وقد رواه أبو داود  ،  والترمذي ،   والنسائي  من حديث مالك ،  به . وقال الترمذي   : حسن  [ ص: 460 ] صحيح . 
وروى  الإمام أحمد  ، وأبو داود  ،  والنسائي ،  وابن خزيمة  ،  وابن حبان  ،  والحاكم  في مستدركه ، من حديث محمد بن إسحاق  ، عن  محمد بن إبراهيم التيمي  ، عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه  ، عن  أبي مسعود البدري  أنهم قالوا : يا رسول الله ، أما السلام فقد عرفناه ، فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا ؟ فقال : " قولوا : اللهم ، صل على محمد  وعلى آل محمد   . . . " وذكره . 
ورواه  الشافعي  رحمه الله في مسنده ، عن  أبي هريرة  ، بمثله . ومن هاهنا ذهب  الشافعي  رحمه الله إلى أنه يجب على المصلي أن يصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشهد الأخير ، فإن تركه لم تصح صلاته . وقد شرع بعض المتأخرين من المالكية وغيرهم يشنع على الإمام الشافعي  في اشتراطه ذلك في الصلاة ، ويزعم أنه قد تفرد بذلك ، وحكى الإجماع على خلافه أبو جعفر الطبري   والطحاوي   والخطابي  وغيرهم ، فيما نقله القاضي عياض   . وقد تعسف القائل في رده على  الشافعي ،  وتكلف في دعواه الإجماع في ذلك ، [ وقال ما لم يحط به علما ] ، فإنه قد روينا وجوب ذلك والأمر بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة كما هو ظاهر الآية ، ومفسر بهذا الحديث عن جماعة من الصحابة ، منهم : ابن مسعود  ،  وأبو مسعود البدري  ،  وجابر بن عبد الله  ، ومن التابعين : الشعبي ،   وأبو جعفر الباقر  ،  ومقاتل بن حيان   . وإليه ذهب  الشافعي ،  لا خلاف عنه في ذلك ولا بين أصحابه أيضا ، وإليه ذهب  [ الإمام ] أحمد  أخيرا فيما حكاه عنه أبو زرعة الدمشقي  ، به . وبه قال إسحاق ابن راهويه  ، والفقيه  الإمام محمد بن إبراهيم المعروف بابن المواز المالكي  ، رحمهم الله ، حتى إن بعض أئمة الحنابلة أوجب أن يقال في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم كما علمهم أن يقولوا لما سألوه ، وحتى إن بعض أصحابنا أوجب الصلاة على الآل ممن حكاه البندنيجي ،  وسليم الرازي  ، وصاحبه  نصر بن إبراهيم المقدسي  ، ونقله إمام الحرمين  وصاحبه  الغزالي  قولا عن  الشافعي   . والصحيح أنه وجه ، على أن الجمهور على خلافه ، وحكوا الإجماع على خلافه ، وللقول بوجوبه ظواهر الحديث ، والله أعلم . 
والغرض أن  الشافعي  رحمه الله لقوله بوجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة   - سلف وخلف كما تقدم ، لله الحمد والمنة ، فلا إجماع على خلافه في هذه المسألة لا قديما ولا حديثا ، والله أعلم . 
ومما يؤيد ذلك : الحديث الآخر الذي رواه  الإمام أحمد  وأبو داود   والترمذي   - وصححه -  والنسائي  وابن خزيمة  ،  وابن حبان  في صحيحيهما ، من رواية حيوة بن شريح المصري  ، عن أبي هانئ حميد بن  [ ص: 461 ] هانئ  ، عن عمرو بن مالك أبي علي الجنبي  ، عن فضالة بن عبيد  ، رضي الله عنه ، قال : سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يدعو في صلاته ، لم يمجد الله ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " عجل هذا " . ثم دعاه فقال له ولغيره : " إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد الله ، عز وجل ، والثناء عليه ، ثم ليصل على النبي ثم ليدع [ بعد ] بما شاء "  . 
وكذا الحديث الذي رواه ابن ماجه  ، من رواية عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد الساعدي  ، عن أبيه ، عن جده ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :  " لا صلاة لمن لا وضوء له ، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ، ولا صلاة لمن لم يصل على النبي ، ولا صلاة لمن لم يحب الأنصار   . 
ولكن عبد المهيمن  هذا متروك . وقد رواه  الطبراني  من رواية أخيه " أبي بن عباس "  ، ولكن في ذلك نظر . وإنما يعرف من رواية  " عبد المهيمن "  ، والله أعلم . 
حديث آخر : قال  الإمام أحمد   : حدثنا  يزيد بن هارون  ، أخبرنا إسماعيل  ، عن أبي داود الأعمى  ، عن بريدة  قال : قلنا : يا رسول الله ، قد علمنا كيف نسلم عليك ، فكيف نصلي عليك ؟ قال : " قولوا : اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على محمد  وعلى آل محمد ،  كما جعلتها على إبراهيم  وآل إبراهيم  إنك حميد مجيد "  . 
أبو داود الأعمى  اسمه : نفيع بن الحارث  ، متروك . 
حديث آخر موقوف : رويناه من طريق  سعيد بن منصور   وزيد بن الحباب   ويزيد بن هارون  ، ثلاثتهم عن نوح بن قيس   : حدثنا سلامة الكندي   : أن عليا ،  رضي الله عنه ، كان يعلم الناس هذا الدعاء : اللهم داحي المدحوات ، وبارئ المسموكات ، وجبار القلوب على فطرتها شقيها وسعيدها . اجعل شرائف صلواتك ، ونوامي بركاتك ، ورأفة تحننك ، على محمد  عبدك ورسولك ، الخاتم لما سبق ، والفاتح لما أغلق ، والمعلن الحق بالحق ، والدامغ جيشات الأباطيل ، كما حمل فاضطلع بأمرك لطاعتك ، مستوفزا في مرضاتك ، غير نكل في قدم ، ولا وهن في عزم ، واعيا لوحيك ، حافظا لعهدك ، ماضيا على نفاذ أمرك ، حتى أورى قبسا لقابس ، آلاء الله تصل بأهله أسبابه ، به هديت القلوب بعد خوضات الفتن والإثم ، [ وأقام ] موضحات الأعلام ، ومنيرات الإسلام ونائرات الأحكام ، فهو أمينك المأمون ، وخازن علمك المخزون ، وشهيدك يوم الدين ، وبعيثك نعمة ، ورسولك بالحق رحمة . اللهم افسح له مفسحات في عدلك ، واجزه مضاعفات الخير من فضلك . مهنآت له غير مكدرات ، من فوز ثوابك المعلول ، وجزيل عطائك المجمول . اللهم أعل على بناء البانين  [ ص: 462 ] بنيانه وأكرم مثواه لديك ونزله . وأتمم له نوره ، واجزه من ابتعاثك له مقبول الشهادة ، مرضي المقالة ، ذا منطق عدل ، وخطة فصل ، وحجة وبرهان عظيم . 
هذا مشهور من كلام علي ،  رضي الله عنه ، وقد تكلم عليه  ابن قتيبة  في مشكل الحديث ، وكذا أبو الحسين أحمد بن فارس اللغوي  في جزء جمعه في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم  ، إلا أن في إسناده نظرا . 
قال شيخنا الحافظ أبو الحجاج المزي   : سلامة الكندي  هذا ليس بمعروف ، ولم يدرك عليا   . كذا قال . وقد روى  الحافظ أبو القاسم الطبراني  هذا الأثر عن محمد بن علي الصائغ  ، عن  سعيد بن منصور  ، حدثنا نوح بن قيس  ، عن سلامة الكندي  قال : كان علي  ، رضي الله عنه ، يعلمنا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيقول : " اللهم ، داحي المدحوات " وذكره  . 
حديث آخر موقوف : قال ابن ماجه   : [ حدثنا الحسين بن بيان   ] ، حدثنا زياد بن عبد الله  ، حدثنا المسعودي ،  عن عون بن عبد الله  ، عن أبي فاختة  ، عن الأسود بن يزيد  ، عن  عبد الله بن مسعود  ، رضي الله عنه ، قال : إذا صليتم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسنوا الصلاة عليه ; فإنكم لا تدرون لعل ذلك يعرض عليه . قال : فقالوا له : فعلمنا . قال : قولوا : اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين ، وإمام المتقين ، وخاتم النبيين ، محمد  عبدك ورسولك ، إمام الخير وقائد الخير ، ورسول الرحمة . اللهم ابعثه مقاما محمودا يغبطه به الأولون والآخرون ، اللهم صل على محمد   [ وعلى آل محمد   ] ، كما صليت على إبراهيم  وعلى آل إبراهيم ،  إنك حميد مجيد ، اللهم بارك على محمد  وعلى آل محمد  كما باركت على إبراهيم  وعلى آل إبراهيم  إنك حميد مجيد  . 
وهذا موقوف ، وقد روى إسماعيل القاضي  عن عبد الله بن عمرو   - أو : عمر   - على الشك من الراوي قريبا من هذا . 
حديث آخر : قال قال ابن جرير   : حدثنا أبو كريب  ، حدثنا مالك بن إسماعيل  ، حدثنا أبو  [ ص: 463 ] إسرائيل  ، عن  يونس بن خباب  قال : خطبنا بفارس  فقال : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما   ) ، فقال : أنبأني من سمع ابن عباس  يقول : هكذا أنزل . فقلنا - أو : قالوا - يا رسول الله ، علمنا السلام عليك ، فكيف الصلاة عليك ؟ فقال : " اللهم ، صل على محمد  وعلى آل محمد ،  كما صليت على إبراهيم  وآل إبراهيم ،  إنك حميد مجيد ، وارحم محمدا  وآل محمد ،  كما رحمت آل إبراهيم ،  إنك حميد مجيد ، [ وبارك على محمد  وعلى آل محمد ،  كما باركت على إبراهيم ،  إنك حميد مجيد ]  . 
فيستدل بهذا الحديث من ذهب إلى جواز الترحم على النبي صلى الله عليه وسلم ، كما هو قول الجمهور : ويعضده حديث الأعرابي الذي قال : اللهم ، ارحمني ومحمدا ،  ولا ترحم معنا أحدا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " لقد حجرت واسعا "  . 
وحكى القاضي عياض  عن جمهور المالكية منعه ، قال : وأجازه أبو محمد بن أبي زيد   . 
حديث آخر : قال  الإمام أحمد   : حدثنا محمد بن جعفر  ، أخبرنا شعبة ،  عن عاصم بن عبيد الله  قال : سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة  يحدث عن أبيه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :  " من صلى علي صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلى علي ، فليقل عبد من ذلك أو ليكثر "  . 
ورواه ابن ماجه  ، من حديث شعبة ،  به . 
حديث آخر : قال  الإمام أحمد   : حدثنا أبو سلمة منصور بن سلمة الخزاعي  ، ويونس - هو ابن محمد   - قالا حدثنا ليث ،  عن يزيد بن الهاد  ، عن  عمرو بن أبي عمرو  ، عن أبي الحويرث  ، عن محمد بن جبير بن مطعم  ، عن عبد الرحمن بن عوف  قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعته حتى دخل نخلا فسجد فأطال السجود ، حتى خفت - أو : خشيت - أن يكون الله قد توفاه أو قبضه . قال : فجئت أنظر ، فرفع رأسه فقال : " ما لك يا عبد الرحمن  ؟ " قال : فذكرت ذلك له فقال : " إن جبريل ،  عليه السلام ، قال لي : ألا أبشرك ؟ إن الله ، عز وجل ، يقول : من صلى عليك صليت عليه ، ومن سلم عليك سلمت عليه "  . 
طريق أخرى : قال  الإمام أحمد   : حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم  ، حدثنا  سليمان بن بلال  ، حدثنا  عمرو بن أبي عمرو  ، عن عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف  ، عن عبد الرحمن بن عوف  قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوجه نحو صدقته ، فدخل فاستقبل القبلة ، فخر ساجدا ، فأطال  [ ص: 464 ] السجود ، حتى ظننت أن الله قد قبض نفسه فيها ، فدنوت منه ثم جلست ، فرفع رأسه فقال : " من هذا ؟ " فقلت : عبد الرحمن   . قال : " ما شأنك ؟ " قلت : يا رسول الله ، سجدت سجدة خشيت أن [ يكون ] الله ، عز وجل ، قبض نفسك فيها . فقال : " إن جبريل  أتاني فبشرني أن الله ، عز وجل ، يقول لك : من صلى عليك صليت عليه ، ومن سلم عليك سلمت عليه - فسجدت لله عز وجل ، شكرا "  . 
حديث آخر : قال [ الحافظ ]  أبو القاسم الطبراني   : حدثنا محمد بن عبد الرحيم بن بحير بن عبد الله بن معاوية بن بحير بن ريسان  ، [ حدثنا عمرو بن الربيع بن طارقة   ] ، حدثنا يحيى بن أيوب  ، حدثنا عبد الله بن عمر  ، عن  الحكم بن عتيبة  ، عن  إبراهيم النخعي  ، عن الأسود بن يزيد  ، عن  عمر بن الخطاب  ، رضي الله عنه ، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة فلم يجد أحدا يتبعه ، ففزع عمر ،  فأتاه بمطهرة من خلفه ، فوجد النبي صلى الله عليه وسلم ساجدا في مشربة ، فتنحى عنه من خلفه حتى رفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه ، فقال : " أحسنت يا عمر  حين وجدتني ساجدا فتنحيت عني ، إن جبريل أتاني فقال : من صلى عليك من أمتك واحدة ، صلى الله عليه عشر صلوات ، ورفعه عشر درجات "  . 
وقد اختار هذا الحديث الحافظ الضياء المقدسي  في كتابه " المستخرج على الصحيحين " . 
وقد رواه إسماعيل القاضي  ، عن القعنبي ،  عن سلمة بن وردان  ، عن أنس ،  عن عمر  بنحوه . 
ورواه أيضا عن  يعقوب بن حميد  ، عن أنس بن عياض  ، عن سلمة بن وردان  ، عن  مالك بن أوس بن الحدثان  ، عن  عمر بن الخطاب  ، بنحوه . 
حديث آخر : قال أبو عيسى الترمذي   : حدثنا بندار ،  حدثنا محمد بن خالد بن عثمة  ، حدثني موسى بن يعقوب الزمعي  ، حدثني عبد الله بن كيسان   ; أن  عبد الله بن شداد  أخبره ، عن  عبد الله بن مسعود   ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  " أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة "  . 
تفرد بروايته الترمذي  رحمه الله ثم قال : هذا حديث حسن غريب . 
حديث آخر : قال إسماعيل القاضي   : حدثنا علي بن عبد الله  ، حدثنا سفيان ،  عن يعقوب بن زيد بن طلحة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أتاني آت من ربي فقال لي : ما من عبد يصلي عليك صلاة إلا  [ ص: 465 ] صلى الله عليه بها عشرا " . فقام رجل فقال : يا رسول الله ، ألا أجعل نصف دعائي لك ؟ قال : " إن شئت " . قال : ألا أجعل ثلثي دعائي لك ؟ قال : " إن شئت " . قال : ألا أجعل دعائي لك كله ؟ قال : " إذن يكفيك الله هم الدينا وهم الآخرة "  . فقال شيخ - كان بمكة ،  يقال له : منيع   - لسفيان   : عمن أسنده ؟ قال : لا أدري . 
حديث آخر : قال إسماعيل القاضي   : حدثنا سعيد بن سلام العطار  ، حدثنا  سفيان - يعني الثوري -  عن  عبد الله بن محمد بن عقيل  ، عن الطفيل بن أبي بن كعب  ، عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج في جوف الليل فيقول : " جاءت الراجفة ، تتبعها الرادفة ، جاء الموت بما فيه " . قال أبي   : يا رسول الله ، إني أصلي من الليل ، أفأجعل لك ثلث صلاتي ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الشطر " . قال : أفأجعل لك شطر صلاتي ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الثلثان " . قال أفأجعل لك صلاتي كلها ؟ قال : " إذن يغفر الله ذنبك كله "  . 
وقد رواه الترمذي  بنحوه فقال : حدثنا هناد ، حدثنا قبيصة  ، حدثنا سفيان  ، عن  عبد الله بن محمد بن عقيل  ، عن الطفيل بن أبي بن كعب  ، عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال : " يا أيها الناس ، اذكروا الله ، اذكروا الله ، جاءت الراجفة تتبعها الرادفة ، جاء الموت بما فيه ، جاء الموت بما فيه " . قال أبي   : قلت : يا رسول الله ، إني أكثر الصلاة عليك ، فكم أجعل لك من صلاتي ؟ قال : " ما شئت " . قلت : الربع ؟ قال : " ما شئت ، فإن زدت فهو خير لك " . قلت : فالنصف ؟ قال : " ما شئت ، فإن زدت فهو خير لك " . قلت : فالثلثين ؟ قال : " ما شئت ، فإن زدت فهو خير لك " . قلت : أجعل لك صلاتي كلها ؟ قال : " إذن تكفى همك ، ويغفر لك ذنبك "  . 
ثم قال : هذا حديث حسن . 
وقال  الإمام أحمد   : حدثنا  وكيع ،  حدثنا سفيان ،  عن  عبد الله بن محمد بن عقيل  ، عن الطفيل بن أبي  ، عن أبيه قال : قال رجل : يا رسول الله ، أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك ؟ قال : " إذن يكفيك الله ما أهمك من دنياك وآخرتك "  . 
حديث آخر : قال  الإمام أحمد   : حدثنا أبو كامل  ، حدثنا حماد بن سلمة  ، عن ثابت ،  عن سليمان مولى الحسن بن علي  ، عن عبد الله بن أبي طلحة  ، عن أبيه; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم ، والسرور يرى في وجهه ، فقالوا : يا رسول الله ، إنا لنرى السرور في وجهك . فقال : " إنه أتاني الملك فقال : يا محمد ،  أما يرضيك أن ربك ، عز وجل ، يقول : إنه لا يصلي عليك أحد من أمتك  [ ص: 466 ] إلا صليت عليه عشرا ، ولا يسلم عليك أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشرا ؟ قال : بلى "  . 
ورواه  النسائي  من حديث حماد بن سلمة  ، به . وقد رواه إسماعيل القاضي  ، عن  إسماعيل بن أبي أويس  ، عن أخيه ، عن  سليمان بن بلال  ، عن عبيد الله بن عمر  ، عن ثابت ،  عن أبي طلحة  ، بنحوه . 
طريق أخرى : قال  [ الإمام ] أحمد   : حدثنا سريج  ، حدثنا أبو معشر  ، عن إسحاق بن كعب بن عجرة ،  عن  أبي طلحة الأنصاري  قال : أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما طيب النفس ، يرى في وجهه البشر ، قالوا : يا رسول الله ، أصبحت اليوم طيب النفس ، يرى في وجهك البشر ؟ قال : " أجل ، أتاني آت من ربي ، عز وجل ، فقال : من صلى عليك من أمتك صلاة ، كتب الله له بها عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات ، ورد عليه مثلها "  . 
وهذا أيضا إسناد جيد ، ولم يخرجوه . 
حديث آخر : روى مسلم  وأبو داود   والترمذي   والنسائي ،  من حديث إسماعيل بن جعفر  ، عن العلاء بن عبد الرحمن  ، عن أبيه; عن  أبي هريرة  ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " من صلى علي واحدة ، صلى الله عليه بها عشرا "  . 
قال الترمذي   : هذا حديث حسن صحيح ، وفي الباب عن عبد الرحمن بن عوف  ،  وعامر بن ربيعة  ، وعمار ،  وأبي طلحة  ، وأنس ،   وأبي بن كعب   . 
وقال  الإمام أحمد   : حدثنا حسين بن محمد  ، حدثنا شريك ،  عن ليث ،  عن كعب ،  عن  أبي هريرة  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  " صلوا علي; فإنها زكاة لكم . وسلوا الله لي الوسيلة; فإنها درجة في أعلى الجنة ، لا ينالها إلا رجل ، وأرجو أن أكون أنا هو "  . تفرد به أحمد  ، وقد رواه البزار  من طريق مجاهد ،  عن  أبي هريرة  ، بنحوه فقال : حدثنا محمد بن إسحاق البكالي  ، حدثنا عثمان بن سعيد  ، حدثنا داود بن علية  ، عن ليث ،  عن مجاهد ،  عن  أبي هريرة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " صلوا علي; فإنها زكاة لكم ، وسلوا الله لي الدرجة الوسيلة من الجنة " فسألناه - أو : أخبرنا - فقال : " هي درجة في أعلى الجنة ، وهي لرجل ، وأنا أرجو أن أكون ذلك الرجل "  . 
 [ ص: 467 ] في إسناده بعض من تكلم فيه . 
حديث آخر : قال  الإمام أحمد   : حدثنا يحيى بن إسحاق  ، حدثنا ابن لهيعة  ، [ عن عبد الله بن هبيرة   ] ، عن عبد الرحمن بن مريج الخولاني  ، سمعت أبا قيس - مولى عمرو بن العاص -  سمعت عبد الله بن عمرو  يقول : من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة ، صلى الله عليه وملائكته بها سبعين صلاة ، فليقل عبد من ذلك أو ليكثر . وسمعت عبد الله بن عمرو  يقول : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما كالمودع فقال : " أنا محمد  النبي الأمي - قاله ثلاث مرات - ولا نبي بعدي ، أوتيت فواتح الكلام وخواتمه وجوامعه ، وعلمت كم خزنة النار وحملة العرش ، وتجوز بي ، عوفيت وعوفيت أمتي ، فاسمعوا وأطيعوا ما دمت فيكم ، فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب الله ، أحلوا حلاله ، وحرموا حرامه "  . 
حديث آخر : قال  أبو داود الطيالسي   : حدثنا أبو سلمة الخراساني  ، حدثنا أبو إسحاق  ، عن أنس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " من ذكرت عنده فليصل علي ، ومن صلى علي مرة واحدة صلى الله عليه عشرا "  . 
ورواه  النسائي  في " اليوم والليلة " ، من حديث  أبي داود الطيالسي ،  عن أبي سلمة - وهو المغيرة بن مسلم الخراساني -  عن  أبي إسحاق عمرو بن عبد الله السبيعي  ، عن أنس ، به . 
وقال  الإمام أحمد   : حدثنا  محمد بن فضيل  ، حدثنا يونس بن عمرو   - يعني يونس بن أبي إسحاق   - عن بريد بن أبي مريم  ، عن أنس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " من صلى علي صلاة واحدة ، صلى الله عليه عشر صلوات ، وحط عنه عشر خطيئات "  . 
حديث آخر : قال  الإمام أحمد   : حدثنا عبد الملك بن عمرو  وأبو سعيد   [ قالا ] : حدثنا  سليمان بن بلال  ، عن عمارة بن غزية  ، عن عبد الله بن الحسين  ، عن أبيه علي بن الحسين  ، عن أبيه; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  " البخيل من ذكرت عنده ، ثم لم يصل علي "  . وقال أبو سعيد   :  " فلم يصل علي " . 
ورواه الترمذي  من حديث  سليمان بن بلال  ، ثم قال : هذا حديث حسن غريب صحيح . 
ومن الرواة من جعله من مسند  " الحسين بن علي "  ، ومنهم من جعله من مسند " علي "  نفسه .  [ ص: 468 ] حديث آخر : قال إسماعيل القاضي   : حدثنا حجاج بن منهال  ، حدثنا حماد بن سلمة  ، عن معبد بن هلال العنزي  ، حدثنا رجل من أهل دمشق ،  عن عوف بن مالك  ، عن أبي ذر  ، رضي الله عنه; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  " إن أبخل الناس من ذكرت عنده فلم يصل علي "  . 
حديث آخر مرسل : قال إسماعيل   : وحدثنا سليمان بن حرب  ، حدثنا جرير بن حازم  ، سمعت الحسن  يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " بحسب امرئ من البخل أن أذكر عنده فلا يصلي علي " ، صلوات الله عليه . 
حديث آخر : قال الترمذي   : حدثنا  أحمد بن إبراهيم الدورقي  ، حدثنا ربعي بن إبراهيم  ، عن عبد الرحمن بن إسحاق  ، عن  سعيد بن أبي سعيد المقبري  ، عن  أبي هريرة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علي . [ ورغم أنف رجل دخل عليه شهر رمضان ، ثم انسلخ قبل أن يغفر له ] ، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة "  . ثم قال : حسن غريب . 
قلت : وقد رواه  البخاري  في الأدب ، عن محمد بن عبيد الله  ، حدثنا ابن أبي حازم  ، عن كثير بن زيد  ، عن الوليد بن رباح  ، عن  أبي هريرة  مرفوعا ، بنحوه . ورويناه من حديث محمد بن عمرو  ، عن أبي سلمة  ، عن  أبي هريرة  ، به . قال الترمذي   : وفي الباب عن جابر  وأنس   . 
قلت :  وابن عباس  ،  وكعب بن عجرة  ، وقد ذكرت طرق هذا الحديث في أول كتاب الصيام وعند قوله تعالى : ( إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما   ) [ الإسراء : 23 ] . 
وهذا الحديث والذي قبله دليل على وجوب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم كلما ذكر ، وهو مذهب طائفة من العلماء [ منهم  الطحاوي   والحليمي   ] ، ويتقوى بالحديث الآخر الذي رواه ابن ماجه : 
حدثنا جبارة بن المغلس  ، حدثنا حماد بن زيد  ، حدثنا  عمرو بن دينار  ، عن جابر بن زيد  ، عن ابن عباس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " من نسي الصلاة علي خطئ طريق الجنة "  . 
جبارة ضعيف . ولكن رواه إسماعيل القاضي  من غير وجه ، عن  أبي جعفر محمد بن علي الباقر  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " من نسي الصلاة علي خطئ طريق الجنة "  . وهذا مرسل يتقوى بالذي قبله [ والله أعلم ] . 
وذهب آخرون إلى أنه تجب الصلاة في المجلس مرة واحدة  ، ثم لا تجب في بقية ذلك المجلس ، بل  [ ص: 469 ] تستحب . نقله الترمذي  عن بعضهم ، ويتأيد بالحديث الذي رواه الترمذي   : 
حدثنا  محمد بن بشار  ، حدثنا عبد الرحمن  ، حدثنا سفيان  ، عن صالح - مولى التوأمة -  عن  أبي هريرة  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  " ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ، ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترة ، فإن شاء عذبهم ، وإن شاء غفر لهم "  . 
تفرد به الترمذي  من هذا الوجه . ورواه  الإمام أحمد  عن حجاج   ويزيد بن هارون  ، كلاهما عن ابن أبي ذئب  ، عن صالح - مولى التوأمة -  عن  أبي هريرة  ، مرفوعا مثله . ثم قال الترمذي   : هذا حديث حسن . 
وقد روي عن  أبي هريرة  ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، من غير وجه ، وقد رواه إسماعيل القاضي  من حديث شعبة  ، عن سليمان ،  عن ذكوان ،  عن أبي سعيد  قال :  " ما من قوم يقعدون ثم يقومون ولا يصلون على النبي صلى الله عليه وسلم ، إلا كان عليهم حسرة ، وإن دخلوا الجنة لما يرون [ من ] الثواب "  . 
وحكي عن بعضهم أنه إنما تجب الصلاة عليه ، عليه السلام ، في العمر مرة واحدة  ، امتثالا لأمر الآية ، ثم هي مستحبة في كل حال ، وهذا هو الذي نصره القاضي عياض  بعدما حكى الإجماع على وجوب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في الجملة . قال : وقد حكى  الطبراني  أن محمل الآية على الندب ، وادعى فيه الإجماع . قال : ولعله فيما زاد على المرة ، والواجب منه مرة كالشهادة له بالنبوة ، وما زاد على ذلك فمندوب مرغب فيه من سنن الإسلام ، وشعار أهله . 
قلت : وهذا قول غريب ، فإنه قد ورد الأمر بالصلاة عليه في أوقات كثيرة ، فمنها واجب ، ومنها مستحب على ما نبينه . 
فمنه : بعد النداء للصلاة   ; للحديث الذي رواه  الإمام أحمد   : 
حدثنا أبو عبد الرحمن  ، حدثنا حيوة ،  حدثنا كعب بن علقمة  ، أنه سمع عبد الرحمن بن جبير  يقول : إنه سمع  عبد الله بن عمرو بن العاص  يقول : إنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :  " إذا سمعتم مؤذنا فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي; فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا ، ثم سلوا لي الوسيلة ، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله ، وأرجو أن أكون أنا هو ، فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة "  . 
وأخرجه مسلم  وأبو داود   والترمذي   والنسائي ،  من حديث كعب بن علقمة  
طريق أخرى : قال إسماعيل القاضي   : حدثنا محمد بن أبي بكر ،  حدثنا عمرو بن علي  ، عن أبي  [ ص: 470 ] بكر الجشمي  ، عن صفوان بن سليم  ، عن عبد الله بن عمرو  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سأل الله لي الوسيلة ، حقت عليه شفاعتي يوم القيامة "  . 
حديث آخر : قال إسماعيل القاضي   : حدثنا سليمان بن حرب  ، حدثنا سعيد بن زيد  ، عن ليث ،  عن كعب - هو كعب الأحبار -  عن  أبي هريرة  ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " صلوا علي ، فإن صلاتكم علي زكاة لكم ، وسلوا الله لي الوسيلة  " . قال : فإما حدثنا وإما سألناه ، فقال : " الوسيلة أعلى درجة في الجنة ، لا ينالها إلا رجل ، وأرجو أن أكون ذلك الرجل "  . 
ثم رواه عن محمد بن أبي بكر  ، عن معتمر ،  عن  ليث - وهو ابن أبي سليم -  به . وكذا الحديث الآخر : 
قال  الإمام أحمد   : حدثنا حسن بن موسى  ، حدثنا ابن لهيعة  ، حدثنا بكر بن سوادة  ، عن زياد بن نعيم  ، عن وفاء الحضرمي  ، عن  رويفع بن ثابت الأنصاري   ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  " من صلى على محمد  وقال : اللهم ، أنزله المقعد المقرب عندك يوم القيامة ، وجبت له شفاعتي "  . 
وهذا إسناد لا بأس به ، ولم يخرجوه . 
أثر آخر قال إسماعيل القاضي   : حدثنا علي بن عبد الله  ، حدثنا سفيان ،  حدثني معمر ،  عن ابن طاوس  ، عن أبيه ، سمعت ابن عباس  يقول : اللهم تقبل شفاعة محمد  الكبرى ، وارفع درجته العليا ، وأعطه سؤله في الآخرة والأولى ، كما آتيت إبراهيم  وموسى ،  عليهما السلام . إسناد جيد قوي صحيح . 
ومن ذلك : عند دخول المسجد والخروج منه   : للحديث الذي رواه  الإمام أحمد   : 
حدثنا إسماعيل بن إبراهيم  ، حدثنا ليث بن أبي سليم  ، عن عبد الله بن الحسن  ، عن أمه فاطمة بنت الحسين  ، عن جدته  [ فاطمة ] بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم  قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد صلى على محمد  وسلم وقال : " اللهم اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب رحمتك " . وإذا خرج صلى على محمد وسلم ، ثم قال : " اللهم اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب فضلك "  . 
وقال إسماعيل القاضي   : حدثنا يحيى بن عبد الحميد  ، حدثنا سفيان بن عمر التميمي  ، عن  [ ص: 471 ] سليمان الضبي  ، عن علي بن الحسين  قال : قال  علي بن أبي طالب  ، رضي الله عنه : إذا مررتم بالمساجد فصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم . وأما الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في الصلاة  ، فقد قدمنا الكلام عليها في التشهد الأخير ، ومن ذهب إلى ذلك من العلماء مع  الشافعي ،  رحمه الله . وأما التشهد الأول فلا تجب فيه قولا واحدا ، وهل تستحب ؟ على قولين  للشافعي   . 
ومن ذلك الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في صلاة الجنازة : فإن السنة أن يقرأ في التكبيرة الأولى فاتحة الكتاب ، وفي الثانية أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، وفي الثالثة يدعو للميت ، وفي الرابعة يقول : اللهم لا تحرمنا أجره ، ولا تفتنا بعده . 
قال  الشافعي ،  رحمه الله : حدثنا مطرف بن مازن  ، عن معمر ،  عن الزهري   : أخبرني  أبو أمامة بن سهل بن حنيف  أنه أخبره رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم : أن السنة في الصلاة على الجنازة  أن يكبر الإمام ، ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرا في نفسه ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ويخلص الدعاء للجنازة ، وفي التكبيرات لا يقرأ في شيء منها ، ثم يسلم سرا في نفسه 
ورواه  النسائي ،  عن أبي أمامة  نفسه أنه قال : من السنة ، فذكره . 
وهذا من الصحابي في حكم المرفوع على الصحيح . 
ورواه إسماعيل القاضي  ، عن  محمد بن المثنى  ، عن عبد الأعلى  ، عن معمر ،  عن الزهري ،  عن  أبي أمامة بن سهل  ، عن  سعيد بن المسيب  أنه قال : السنة في الصلاة على الجنازة . . . فذكره . 
وهكذا روي عن  أبي هريرة  ،  وابن عمر  ،  والشعبي   . 
ومن ذلك : في صلاة العيد   : قال إسماعيل القاضي   : حدثنا مسلم بن إبراهيم  ، حدثنا  هشام الدستوائي  ، حدثنا  حماد بن أبي سليمان  ، عن إبراهيم ،  عن علقمة   : أن ابن مسعود  وأبا موسى  وحذيفة  خرج عليهم الوليد بن عقبة  يوما قبل العيد ، فقال لهم : إن هذا العيد قد دنا ، فكيف التكبير فيه ؟ قال عبد الله   : تبدأ فتكبر تكبيرة تفتتح بها الصلاة ، وتحمد ربك وتصلي على  [ ص: 472 ] النبي صلى الله عليه وسلم ثم تدعو ، وتكبر وتفعل مثل ذلك ، ثم تكبر وتفعل مثل ذلك ، ثم تكبر وتفعل مثل ذلك ، ثم تقرأ ، ثم تكبر وتركع ، ثم تقوم فتقرأ وتحمد ربك وتصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم تدعو وتكبر ، وتفعل مثل ذلك ، ثم تركع . فقال حذيفة  وأبو موسى   : صدق أبو عبد الرحمن   . إسناد صحيح 
ومن ذلك : أنه يستحب ختم الدعاء بالصلاة عليه صلى الله عليه وسلم  قال الترمذي   : 
حدثنا أبو داود  ، أخبرنا النضر بن شميل  ، عن أبي قرة الأسدي ،  عن  سعيد بن المسيب ،  عن  عمر بن الخطاب  قال : الدعاء موقوف بين السماء والأرض ، لا يصعد حتى تصلي على نبيك . 
وهكذا رواه أيوب بن موسى  ، عن  سعيد بن المسيب  ، عن  عمر بن الخطاب  ، قوله . ورواه معاذ بن الحارث  ، عن أبي قرة  ، عن  سعيد بن المسيب  ، عن عمر  مرفوعا . وكذا رواه رزين بن معاوية  في كتابه مرفوعا ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " الدعاء موقوف بين السماء والأرض ، لا يصعد حتى يصلى علي ، فلا تجعلوني كغمر الراكب ، صلوا علي أول الدعاء وأوسطه وآخره "  . 
وهذه الزيادة إنما تروى من رواية  جابر بن عبد الله  في مسند الإمام عبد بن حميد الكشي   [ حيث ] قال : حدثنا  جعفر بن عون  ، أخبرنا موسى بن عبيدة  ، عن إبراهيم بن محمد بن إبراهيم  ، عن أبيه قال : قال جابر   : قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تجعلوني كقدح الراكب ، إذا علق تعاليقه أخذ قدحه فملأه من الماء ، فإن كان له حاجة في الوضوء توضأ ، وإن كان له حاجة في الشرب شرب وإلا أهراق ما فيه ، اجعلوني في أول الدعاء ، وفي ، وسط الدعاء ، وفي آخر الدعاء "  . فهذا حديث غريب ، وموسى بن عبيدة  ضعيف الحديث . 
ومن [ آكد ] ذلك : دعاء القنوت   : لما رواه  الإمام أحمد  وأهل السنن ، وابن خزيمة  ،  وابن حبان  ،  والحاكم ،  من حديث أبي الحوراء  ، عن الحسن بن علي ،  رضي الله عنهما ، قال : علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر :  " اللهم اهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ،  [ ص: 473 ] وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، وإنه لا يذل من واليت تباركت [ ربنا ] وتعاليت "  . 
وزاد  النسائي  في سننه بعد هذا : وصلى الله على النبي محمد   . 
ومن ذلك : أنه يستحب الإكثار من الصلاة عليه [ في ] يوم الجمعة وليلة الجمعة   : قال  الإمام أحمد   : حدثنا  حسين بن علي الجعفي  ، عن  عبد الرحمن بن يزيد بن جابر  ، عن  أبي الأشعث الصنعاني  ، عن أوس بن أوس الثقفي  ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " من أفضل أيامكم يوم الجمعة ، فيه خلق آدم ، وفيه قبض  ، وفيه النفخة ، وفيه الصعقة ، فأكثروا علي من الصلاة فيه ، فإن صلاتكم معروضة علي " . قالوا : يا رسول الله ، وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت ؟ - يعني : وقد بليت - قال : " إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء   "  . 
ورواه أبو داود   والنسائي   وابن ماجه ،  من حديث  حسين بن علي الجعفي   . وقد صحح هذا الحديث  ابن خزيمة   وابن حبان   والدارقطني ،  والنووي  في الأذكار . 
حديث آخر : قال أبو عبد الله بن ماجه   : حدثنا عمرو بن سواد المصري  ، حدثنا  عبد الله بن وهب ،  عن عمرو بن الحارث ،  عن سعيد بن أبي هلال ،  عن زيد بن أيمن  ، عن  عبادة بن نسي ،  عن  أبي الدرداء  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة; فإنه مشهود تشهده الملائكة . وإن أحدا لا يصلي علي إلا عرضت علي صلاته حتى يفرغ منها " . قال : قلت : وبعد الموت ؟ قال : " [ وبعد الموت ] ، إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء " [ فنبي الله حي يرزق ]  . 
هذا حديث غريب من هذا الوجه ، وفيه انقطاع بين  عبادة بن نسي   وأبي الدرداء  ، فإنه لم يدركه ، والله أعلم . 
وقد روى  البيهقي  من حديث أبي أمامة  وأبي مسعود ،  عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بالإكثار من الصلاة عليه ليلة الجمعة ويوم الجمعة ، ولكن في إسنادهما ضعف ، والله أعلم . وروي مرسلا عن الحسن  [ ص: 474 ] البصري  ، فقال إسماعيل القاضي   : 
حدثنا سليمان بن حرب  ، حدثنا جرير بن حازم  ، سمعت  الحسن - هو البصري -  يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " لا تأكل الأرض جسد من كلمه روح القدس   "  . مرسل حسن . 
وقال  الشافعي   : أخبرنا إبراهيم بن محمد  ، أخبرنا صفوان بن سليم  أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  " إذا كان يوم الجمعة وليلة الجمعة ، فأكثروا الصلاة علي "  . هذا مرسل . 
وهكذا يجب على الخطيب أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة على المنبر في الخطبتين  ، ولا تصح الخطبتان إلا بذلك; لأنها عبادة ، وذكر الله فيها شرط ، فوجب ذكر الرسول صلى الله عليه وسلم فيها كالأذان والصلاة . هذا مذهب  الشافعي  وأحمد  رحمهما الله . 
ومن ذلك : أنه يستحب الصلاة والسلام عليه عند زيارة قبره ، صلوات الله وسلامه عليه   : قال أبو داود   : 
حدثنا ابن عوف - هو محمد -  حدثنا المقري ،  حدثنا حيوة ،  عن أبي صخر حميد بن زياد ،  عن  يزيد بن عبد الله بن قسيط ،  عن  أبي هريرة;  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  " ما من أحد يسلم علي إلا رد الله علي روحي ، حتى أرد عليه السلام " . 
تفرد به أبو داود  ، وصححه النووي  في الأذكار . ثم قال أبو داود   : 
حدثنا  أحمد بن صالح  قال : قرأت على عبد الله بن نافع  ، أخبرني ابن أبي ذئب ،  عن سعيد المقبري ،  عن  أبي هريرة  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " لا تجعلوا بيوتكم قبورا ، ولا تجعلوا قبري عيدا ، وصلوا علي ، فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم " . 
تفرد به أبو داود  أيضا . وقد رواه الإمام أحمد  عن سريج  ، عن  عبد الله بن نافع - وهو الصائغ -  به . وصححه النووي  أيضا . وقد روي من وجه آخر عن علي ،  رضي الله عنه . قال القاضي إسماعيل بن إسحاق  في كتابه " فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم   " : 
حدثنا  إسماعيل بن أبي أويس  ، حدثنا جعفر بن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب   [ عمن أخبره ] من أهل بيته ، عن  علي بن الحسين بن علي   : أن رجلا كان يأتي كل  [ ص: 475 ] غداة فيزور قبر النبي صلى الله عليه وسلم ويصلي عليه ، ويصنع من ذلك ما اشتهر عليه علي بن الحسين  ، فقال له علي بن الحسين   : ما يحملك على هذا ؟ قال : أحب السلام على النبي صلى الله عليه وسلم . فقال له علي بن الحسين   : هل لك أن أحدثك حديثا عن أبي ؟ قال : نعم . فقال له علي بن الحسين   : أخبرني أبي ، عن جدي أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تجعلوا قبري عيدا ، ولا تجعلوا بيوتكم قبورا ، وصلوا علي وسلموا حيثما كنتم فتبلغني صلاتكم وسلامكم "  . 
في إسناده رجل مبهم لم يسم وقد روي من وجه آخر مرسلا قال عبد الرزاق  في مصنفه ، عن الثوري ،  عن ابن عجلان  ، عن رجل - يقال له : سهيل   - عن الحسن بن الحسن بن علي   ; أنه رأى قوما عند القبر فنهاهم ، وقال : إن النبي صلى الله عليه وسلم قال :  " لا تتخذوا قبري عيدا ، ولا تتخذوا بيوتكم قبورا ، وصلوا علي حيثما كنتم; فإن صلاتكم تبلغني "  . فلعله رآهم يسيئون الأدب برفع أصواتهم [ فوق الحاجة ] ، فنهاهم . 
وقد روي أنه رأى رجلا ينتاب القبر فقال : يا هذا ، ما أنت ورجل بالأندلس  منه إلا سواء ، أي : الجميع يبلغه ، صلوات الله وسلامه عليه دائما إلى يوم الدين . 
وقال  الطبراني  في معجمه الكبير : حدثنا أحمد بن رشدين المصري  ، حدثنا  سعيد بن أبي مريم  ، حدثنا محمد بن جعفر  ، أخبرني حميد بن أبي زينب  ، عن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب  ، رضي الله عنهم ، عن أبيه; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  " صلوا علي حيثما كنتم ، فإن صلاتكم تبلغني "  . 
ثم قال  الطبراني   : حدثنا العباس بن حمدان الأصبهاني  ، حدثنا شعيب بن عبد الحميد الطحان  ، أخبرنا  يزيد بن هارون  عن شيبان  ، عن الحكم بن عبد الله بن خطاف  ، عن أم أنيس بنت الحسن بن علي  ، عن أبيها قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أرأيت قول الله ، عز وجل : ( إن الله وملائكته يصلون على النبي   ) ؟ " فقال : " إن هذا هو المكتوم ، ولولا أنكم سألتموني عنه لما أخبرتكم ، إن الله وكل بي ملكين لا أذكر عند عبد مسلم فيصلي علي إلا قال ذانك الملكان : " غفر الله لك " . وقال الله وملائكته جوابا لذينك الملكين : " آمين " . ولا يصلي أحد إلا قال ذانك الملكان : " غفر الله لك " . ويقول الله وملائكته جوابا لذينك الملكين : " آمين "  . 
غريب جدا ، وإسناده فيه ضعف شديد 
 [ ص: 476 ] وقد قال  الإمام أحمد   : حدثنا  وكيع ،  عن سفيان ،  عن عبد الله بن السائب ،  عن زاذان ،  عن  عبد الله بن مسعود ،  رضي الله عنه; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن لله ملائكة سياحين في الأرض ، يبلغوني من أمتي السلام " . 
وهكذا رواه  النسائي  من حديث  سفيان الثوري   وسليمان بن مهران الأعمش  ، كلاهما عن عبد الله بن السائب  ، به 
فأما الحديث الآخر :  " من صلى علي عند قبري سمعته ، ومن صلى علي من بعيد بلغته "  - ففي إسناده نظر ، تفرد به محمد بن مروان السدي الصغير  ، وهو متروك ، عن الأعمش ،  عن أبي صالح  ، عن  أبي هريرة  مرفوعا . 
قال أصحابنا : ويستحب للمحرم إذا لبى وفرغ من تلبيته أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم   : لما روي عن  الشافعي   والدارقطني  من رواية صالح بن محمد بن زائدة  ، عن  القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق  قال : كان يؤمر الرجل إذا فرغ من تلبيته أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم على كل حال  . 
وقال إسماعيل القاضي   : حدثنا  عارم بن الفضل  ، حدثنا  عبد الله بن المبارك  ، حدثنا زكريا ،  عن الشعبي ،  عن وهب بن الأجدع  قال : سمعت  عمر بن الخطاب  يقول : إذا قدمتم فطوفوا بالبيت سبعا ، وصلوا عند المقام ركعتين ، ثم ائتوا الصفا  فقوموا عليه من حيث ترون البيت ، فكبروا سبع تكبيرات ، تكبيرا بين حمد لله وثناء عليه ، وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ، ومسألة لنفسك ، وعلى المروة  مثل ذلك  . 
إسناد جيد حسن قوي . 
وقالوا : ويستحب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع ذكر الله عند الذبح   : واستأنسوا بقوله تعالى : ( ورفعنا لك ذكرك   ) [ الشرح : 4 ] ، قال بعض المفسرين : يقول الله تعالى : " لا أذكر إلا ذكرت معي " . وخالفهم في ذلك الجمهور ، وقالوا : هذا موطن يفرد فيه ذكر الرب تعالى ، كما عند الأكل ، والدخول ، والوقاع وغير ذلك ، مما لم ترد فيه السنة بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم . 
حديث آخر : قال إسماعيل القاضي   : حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي  ، حدثنا عمر بن هارون  ، عن موسى بن عبيدة  ، عن محمد بن ثابت  ، عن  أبي هريرة   ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :  " صلوا على أنبياء الله ورسله; فإن الله بعثهم كما بعثني "  . 
في إسناده ضعيفان ، وهما عمر بن هارون  وشيخه ، والله أعلم . وقد رواه عبد الرزاق  ، عن الثوري  ، عن موسى بن عبيدة الربذي  به . 
 [ ص: 477 ] ومن ذلك : أنه يستحب الصلاة عليه عند طنين الأذن  ، إن صح الخبر في ذلك ، على أن الإمام أبا بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة  قد رواه في صحيحه فقال : حدثنا زياد بن يحيى  ، حدثنا معمر بن محمد بن عبيد الله  ، عن أبيه محمد  ، عن أبيه أبي رافع  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا طنت أذن أحدكم فليذكرني وليصل علي ، وليقل : ذكر الله من ذكرني بخير "  . إسناده غريب ، وفي ثبوته نظر والله أعلم . 
[ وهاهنا مسألة ] : 
وقد استحب أهل الكتابة أن يكرر الكاتب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما كتبه  ، وقد ورد في الحديث من طريق كادح بن رحمة  ، عن نهشل ،  عن الضحاك ،  عن ابن عباس  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :  " من صلى علي في كتاب ، لم تزل الصلاة جارية له ما دام اسمي في ذلك الكتاب "  . 
وليس هذا الحديث بصحيح من وجوه كثيرة ، وقد روي من حديث  أبي هريرة  ، ولا يصح أيضا ، قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي  شيخنا : أحسبه موضوعا . وقد روي نحوه عن أبي بكر ،   وابن عباس   . ولا يصح من ذلك شيء ، والله أعلم . وقد ذكر  الخطيب البغدادي  في كتابه : " الجامع لآداب الراوي والسامع ، قال : رأيت بخط الإمام أحمد بن حنبل  ، رحمه الله : كثيرا ما يكتب اسم النبي صلى الله عليه وسلم من غير ذكر الصلاة عليه كتابة ، قال : وبلغني أنه كان يصلي عليه لفظا . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					