( إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب  ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير   ( 23 ) وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد   ( 24 ) ) . 
لما أخبر تعالى عن حال أهل النار ، عياذا بالله من حالهم ، وما هم فيه من العذاب والنكال  [ ص: 408 ] والحريق والأغلال ، وما أعد لهم من الثياب من النار ، ذكر حال أهل الجنة   - نسأل الله من فضله وكرمه أن يدخلنا الجنة - فقال : ( إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار   ) أي : تتخرق في أكنافها وأرجائها وجوانبها ، وتحت أشجارها وقصورها ، يصرفونها حيث شاءوا وأين شاءوا ، ( يحلون فيها   ) من الحلية ، ( يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا   ) أي : في أيديهم ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه :  " تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء "  . 
وقال كعب الأحبار   : إن في الجنة ملكا لو شئت أن أسميه لسميته ، يصوغ لأهل الجنة الحلي منذ خلقه الله إلى يوم القيامة ، لو أبرز قلب منها - أي : سوار منها - لرد شعاع الشمس ، كما ترد الشمس نور القمر  . 
وقوله : ( ولباسهم فيها حرير   ) : في مقابلة ثياب أهل النار التي فصلت لهم ، لباس هؤلاء من الحرير ، إستبرقه وسندسه ، كما قال : ( عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا  إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا   ) [ الإنسان : 21 ، 22 ] ، وفي الصحيح :  " لا تلبسوا الحرير ولا الديباج في الدنيا ، فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة " . 
قال عبد الله بن الزبير   : ومن لم يلبس الحرير في الآخرة ، لم يدخل الجنة ، قال الله تعالى : ( ولباسهم فيها حرير   ) 
وقوله : ( وهدوا إلى الطيب من القول   ) كقوله ( وأدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها بإذن ربهم تحيتهم فيها سلام   ) [ إبراهيم : 23 ] ، وقوله : ( والملائكة يدخلون عليهم من كل باب   . سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار   ) [ الرعد : 23 ، 24 ] ، وقوله : ( لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما  إلا قيلا سلاما سلاما   ) [ الواقعة : 25 ، 26 ] ، فهدوا إلى المكان الذي يسمعون فيه الكلام الطيب ، ( ويلقون فيها تحية وسلاما   ) [ الفرقان : 75 ] ، لا كما يهان أهل النار بالكلام الذي يروعون به ويقرعون به ، يقال لهم : ( وذوقوا عذاب الحريق   ) 
وقوله : ( وهدوا إلى صراط الحميد   ) أي : إلى المكان الذي يحمدون فيه ربهم ، على ما أحسن إليهم وأنعم به وأسداه إليهم ، كما جاء في الصحيح : " إنهم يلهمون التسبيح والتحميد ، كما يلهمون النفس " . 
وقد قال بعض المفسرين في قوله : ( وهدوا إلى الطيب من القول   ) أي : القرآن . وقيل : لا إله إلا الله . وقيل : الأذكار المشروعة ، ( وهدوا إلى صراط الحميد   ) أي : الطريق المستقيم في الدنيا . وكل هذا لا ينافي ما ذكرناه ، والله أعلم . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					