[ ص: 137 ]  ( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا    ( 6 ) إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا   ( 7 ) وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا   ( 8 ) ) . 
يقول تعالى مسليا رسوله صلى الله عليه وسلم في حزنه على المشركين ، لتركهم الإيمان وبعدهم عنه ، كما قال تعالى : ( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات   ) [ فاطر : 8 ] ، وقال ) ولا تحزن عليهم ) [ النحل : 127 ] ، وقال ( لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين   ) [ الشعراء : 3 ] 
باخع : أي مهلك نفسك بحزنك عليهم ؛ ولهذا قال ( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث   ) يعني القرآن ) أسفا ) يقول : لا تهلك نفسك أسفا . 
قال قتادة   : قاتل نفسك غضبا وحزنا عليهم . وقال مجاهد   : جزعا . والمعنى متقارب ، أي : لا تأسف عليهم ، بل أبلغهم رسالة الله ، فمن اهتدى فلنفسه ، ومن ضل فإنما يضل عليها ، فلا تذهب نفسك عليهم حسرات . 
ثم أخبر تعالى أنه جعل الدنيا دارا فانية مزينة بزينة زائلة . وإنما جعلها دار اختبار لا دار قرار ، فقال : ( إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عملا    ) . 
قال قتادة  ، عن  أبي نضرة  ، عن أبي سعيد  ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :  " إن الدنيا خضرة حلوة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر ماذا تعملون ، فاتقوا الدنيا ، واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء " 
ثم أخبر تعالى بزوالها وفنائها ، وفراغها وانقضائها ، وذهابها وخرابها ، فقال : ( وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا   ) أي : وإنا لمصيروها بعد الزينة إلى الخراب والدمار ، فنجعل كل شيء عليها هالكا ) صعيدا جرزا ) : لا ينبت ولا ينتفع به ، كما قال العوفي  ، عن ابن عباس  في قوله تعالى ( وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا   ) يقول : يهلك كل شيء عليها ويبيد . وقال مجاهد   : ( صعيدا جرزا ) بلقعا . 
وقال قتادة   : الصعيد : الأرض التي ليس فيها شجر ولا نبات . 
وقال ابن زيد   : الصعيد : الأرض التي ليس فيها شيء ، ألا ترى إلى قوله تعالى : ( أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون   ) [ السجدة : 27 ] . 
وقال محمد بن إسحاق   : ( وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جرزا   ) يعني الأرض ، إن ما عليها لفان وبائد ، وإن المرجع لإلى الله فلا تأس ولا يحزنك ما تسمع وترى . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					