قوله تعالى : وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون ويل يومئذ للمكذبين فبأي حديث بعده يؤمنون  
قوله تعالى : وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون   أي إذا قيل لهؤلاء المشركين : اركعوا أي صلوا لا يركعون أي لا يصلون ; قاله مجاهد    . وقال مقاتل    : نزلت في ثقيف  امتنعوا من الصلاة فنزل ذلك فيهم . قال مقاتل    : قال لهم النبي - صلى الله عليه وسلم - : " أسلموا " وأمرهم بالصلاة فقالوا : لا ننحني فإنها مسبة علينا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا خير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود . 
يذكر أن  مالكا    - رحمه الله - دخل المسجد بعد صلاة العصر ، وهو ممن لا يرى الركوع بعد العصر ، فجلس ولم يركع ، فقال له صبي : يا شيخ قم فاركع . فقام فركع ولم يحاجه بما يراه مذهبا ، فقيل له في ذلك ، فقال : خشيت أن أكون من الذين إذا قيل لهم اركعوا لا يركعون . 
وقال ابن عباس    : إنما يقال لهم هذا في الآخرة حين يدعون إلى السجود فلا يستطيعون . قتادة    : هذا في الدنيا .  ابن العربي    : هذه الآية حجة على وجوب الركوع وإنزاله ركنا في الصلاة  وقد انعقد الإجماع عليه ، وظن قوم أن هذا إنما يكون في القيامة وليست بدار تكليف فيتوجه فيها أمر يكون عليه ويل وعقاب ، وإنما يدعون إلى السجود كشفا لحال الناس في الدنيا ، فمن كان لله يسجد يمكن من السجود ، ومن كان يسجد رثاء لغيره صار ظهره طبقا واحدا . وقيل : أي إذا قيل لهم اخضعوا للحق لا يخضعون ، فهو عام في الصلاة وغيرها وإنما ذكر الصلاة ، لأنها أصل الشرائع بعد التوحيد . وقيل : الأمر بالإيمان لأنها لا تصح من غير إيمان . 
قوله تعالى : فبأي حديث بعده يؤمنون  أي إن لم يصدقوا بالقرآن الذي هو المعجز والدلالة على صدق الرسول - عليه السلام - ، فبأي شيء يصدقون ! وكرر : ويل يومئذ للمكذبين  لمعنى تكرير التخويف والوعيد . وقيل : ليس بتكرار ، لأنه أراد بكل قول منه غير   [ ص: 147 ] الذي أراد بالآخر ; كأنه ذكر شيئا فقال : ويل لمن يكذب بهذا ، ثم ذكر شيئا آخر فقال : ويل لمن يكذب بهذا ، ثم ذكر شيئا آخر فقال : ويل لمن يكذب بهذا . ثم كذلك إلى آخرها . ختمت السورة ولله الحمد . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					