قوله تعالى : ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما    . 
قوله تعالى : ولما رأى المؤمنون الأحزاب  ومن العرب من يقول : ( راء ) على القلب . قالوا هذا ما وعدنا الله يريد قوله تعالى في سورة البقرة : أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم  الآية . فلما رأوا الأحزاب يوم الخندق فقالوا : هذا ما وعدنا الله ورسوله ، قاله قتادة    . وقول ثان رواه كثير بن عبد الله بن عمرو المزني  عن أبيه عن جده قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم عام ذكرت الأحزاب فقال : أخبرني جبريل  عليه السلام أن أمتي ظاهرة عليها - يعني على قصور الحيرة  ومدائن كسرى    - فأبشروا بالنصر فاستبشر المسلمون وقالوا : الحمد لله ، موعد صادق ، إذ وعدنا بالنصر بعد الحصر . فطلعت الأحزاب فقال المومنون : هذا ما وعدنا الله ورسوله . ذكره  الماوردي    . و ( ما وعدنا ) إن جعلت ما بمعنى الذي فالهاء محذوفة . وإن جعلتها مصدرا لم تحتج إلى عائد وما زادهم إلا إيمانا وتسليما  قال الفراء    : وما زادهم النظر إلى الأحزاب . وقال علي بن سليمان    : رأى يدل على الرؤية ، وتأنيث الرؤية غير حقيقي ، والمعنى : ما زادهم الرؤية إلا إيمانا بالرب وتسليما ، قاله الحسن    . ولو قال : ما زادوهم لجاز . ولما اشتد الأمر على المسلمين وطال المقام في الخندق ، قام عليه السلام على التل الذي عليه مسجد الفتح في بعض الليالي ، وتوقع ما وعده الله من النصر وقال : من يذهب ليأتينا بخبرهم وله الجنة فلم يجبه أحد . وقال ثانيا وثالثا فلم يجبه أحد ، فنظر إلى جانبه وقال : من هذا ؟ فقال حذيفة    . فقال : ألم تسمع كلامي منذ الليلة ؟ قال حذيفة    : فقلت يا رسول الله ، منعني أن أجيبك الضر والقر . قال : انطلق حتى تدخل في القوم فتسمع كلامهم وتأتيني بخبرهم . اللهم احفظه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله حتى ترده إلي ، انطلق ولا تحدث شيئا حتى تأتيني . فانطلق حذيفة  بسلاحه ، ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده يقول : يا صريخ المكروبين ويا مجيب   [ ص: 145 ] المضطرين اكشف همي وغمي وكربي فقد ترى حالي وحال أصحابي فنزل جبريل  وقال : ( إن الله قد سمع دعوتك وكفاك هول عدوك ) ، فخر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ركبتيه وبسط يديه وأرخى عينيه وهو يقول : شكرا شكرا كما رحمتني ورحمت أصحابي . وأخبره جبريل  أن الله تعالى مرسل عليهم ريحا ، فبشر أصحابه بذلك . قال حذيفة    : فانتهيت إليهم وإذا نيرانهم تتقد ، فأقبلت ريح شديدة فيها حصباء ، فما تركت لهم نارا إلا أطفأتها ولا بناء إلا طرحته ، وجعلوا يتترسون من الحصباء . وقام أبو سفيان  إلى راحلته وصاح في قريش    : النجاء النجاء ! وفعل كذلك عيينة بن حصن  والحارث بن عوف  والأقرع بن حابس    . وتفرقت الأحزاب ، وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فعاد إلى المدينة  وبه من الشعث ما شاء الله ، فجاءته فاطمة  بغسل فكانت تغسل رأسه ، فأتاه جبريل  فقال : ( وضعت السلاح ولم تضعه أهل السماء ، ما زلت أتبعهم حتى جاوزت بهم الروحاء - ثم قال - انهض إلى بني قريظة    ) . وقال أبو - سفيان    : ما زلت أسمع قعقعة السلاح حتى جاوزت الروحاء . 
				
						
						
