المسألة الرابعة : تعلق  أبو حنيفة  بقوله { في اليتامى    } في تجويز نكاح اليتيمة قبل البلوغ    . وقال  مالك   والشافعي    : لا يجوز ذلك حتى تبلغ وتستأمر ويصح إذنها . وفي بعض روايتنا إذا افتقرت أو عدمت الصيانة جاز إنكاحها قبل البلوغ . والمختار  لأبي حنيفة  أنها إنما تكون يتيمة قبل البلوغ ، وبعد البلوغ هي امرأة مطلقة لا يتيمة . قلنا : المراد به يتيمة بالغة ، بدليل قوله : { ويستفتونك في النساء    } وهو اسم إنما ينطلق على الكبار ، وكذلك قال : { في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن    } فراعى لفظ النساء ، ويحمل اليتم على الاستصحاب للاسم .  [ ص: 406 ] 
فإن قيل : لو أراد البالغة لما نهى عن حطها عن صداق مثلها ; لأنها تختار ذلك ، فيجوز إجماعا . قلنا : إنما هو محمول على وجهين : أحدهما : أن تكون ذات وصي . والثاني : أن يكون محمولا على استظهار الولي عليها بالرجولية والولاية ، فيستضعفها لأجل ذلك ، ويتزوجها بما شاء ، ولا يمكنها خلافه ; فنهوا عن ذلك إلا بالحق الوافر . وقد وفرنا الكلام في هذه المسألة في التلخيص ، وروينا في ذلك حديث الموطأ : { الثيب أحق بنفسها من وليها   } . 
وقد روي عن  مالك  رضي الله عنه : واليتيمة تستأمر في نفسها ولا إذن لمن لم يبلغ    . وروى  الدارقطني  وغيره ، وقال : { زوج  قدامة بن مظعون  بنت أخيه  عثمان بن مظعون  ، فجاء المغيرة  إلى أمها فرغبها في المال فرغبت ، فقال قدامة    : أنا عمها ووصي أبيها ، زوجتها ممن أعرف فضله . فترافعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إنها يتيمة لا تنكح إلا بإذنها   } . قال أصحاب  أبي حنيفة    : تحمل هذه الألفاظ على البالغة بدليل قوله : إلا بإذنها ، وليس للصغيرة إذن . وقد أطنبنا في الجواب في مسائل الخلاف ، أقواه أنه لو كان كما قالوا لم يكن لذكر اليتم معنى ; لأن البالغة لا يزوجها أحد إلا بإذنها . . 
				
						
						
