المسألة الثانية : قوله تعالى : ( لا إكراه ) : عموم في نفي إكراه الباطل ; فأما الإكراه بالحق فإنه من الدين ; وهل يقتل الكافر إلا على الدين ; قال صلى الله عليه وسلم : { أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا : لا إله إلا الله   } . 
وهو مأخوذ من قوله تعالى : { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله    } 
 [ ص: 311 ] وبهذا يستدل على ضعف قول من قال : إنها منسوخة ، فإن قيل : فكيف جاز الإكراه بالدين على الحق  ، والظاهر من حال المكره أنه لا يعتقد ما أظهر ؟ . 
الجواب : أن الله سبحانه بعث رسوله محمدا  صلى الله عليه وسلم يدعو الخلق إليه ، ويوضح لهم السبيل ، ويبصرهم الدليل ، ويحتمل الإذاية والهوان في طريق الدعوة والتبيين ، حتى قامت حجة الله ، واصطفى الله أولياءه ، وشرح صدورهم لقبول الحق ; فالتفت كتيبة الإسلام ، وائتلفت قلوب أهل الإيمان ، ثم نقله من حال الإذاية إلى العصمة ، وعن الهوان إلى العزة ، وجعل له أنصارا بالقوة ، وأمره بالدعاء بالسيف ; إذ مضى من المدة ما تقوم به الحجة ، وكان من الإنذار ما حصل به الإعذار . 
جواب ثان : وذلك أنهم يؤخذون أولا كرها ، فإذا ظهر الدين وحصل في جملة المسلمين ، وعمت الدعوة في العالمين حصلت لهم بمثافنتهم وإقامة الطاعة معهم النية ; فقوي اعتقاده ، وصح في الدين وداده ، إن سبق لهم من الله تعالى توفيق ، وإلا أخذنا بظاهره وحسابه على الله . 
				
						
						
