الآية الخامسة والستون : 
قوله تعالى : { للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر  فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم    } فيها ست عشرة مسألة : 
المسألة الأولى : في سبب نزولها    : وهي آية عظيمة الموقع جدا يترتب عليها حكم كبير اختلف فيه الصحابة والتابعون وفقهاء الأمصار ، ودقت مداركها حسبما ترونها من جملتها إن شاء الله . 
قال  عبد الله بن عباس    : " كان إيلاء أهل الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك ، فوفت لهم أربعة أشهر " ; فمن آلى أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء حكمي . 
المسألة الثانية : الإيلاء في لسان العرب  هو الحلف ، والفيء هو الرجوع ، والعزم هو تجريد القلب عن الخواطر المتعارضة فيه إلى واحد منها . 
 [ ص: 243 ] المسألة الثالثة : نظم الآية : 
للذين يعتزلون من نسائهم بالألية ، فكان من عظيم الفصاحة أن اختصر ، وحمل آلى معنى اعتزل النساء بالألية حتى ساغ لغة أن يتصل آلى بقولك من ، ونظمه في الإطلاق أن يتصل بآلى قولك على ، تقول العرب    : اعتزلت من كذا وعن كذا ، وآليت وحلفت على كذا ، وكذلك عادة العرب  أن تحمل معاني الأفعال على الأفعال لما بينهما من الارتباط والاتصال ، وجهلت النحوية هذا فقال كثير منهم : إن حروف الجر يبدل بعضها من بعض ، ويحمل بعضها معاني البعض ، فخفي عليهم وضع فعل مكان فعل ، وهو أوسع وأقيس ، ولجوا بجهلهم إلى الحروف التي يضيق فيها نطاق [ الكلام ] والاحتمال . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					