[ ص: 293 ] سورة المدثر [ فيها أربع آيات ] 
الآية الأولى قوله تعالى : { يأيها المدثر    } . 
فيها مسألتان : 
المسألة الأولى روى العدل في الصحيح ، واللفظ  للبخاري  قال  يحيى بن أبي كثير    : سألت  أبا سلمة بن عبد الرحمن  عن أول ما نزل من القرآن  ، فقال : { يأيها المدثر    } . قلت : إنهم يقولون : { اقرأ باسم ربك الذي خلق    } . فقال  أبو سلمة    : سألت  جابر بن عبد الله  عن ذلك ، وقلت له مثل الذي قلت ، فقال  جابر    : لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { جاورت بحراء ، فلما قضيت جواري هبطت فنوديت ، فنظرت عن يميني فلم أر شيئا ، فرفعت رأسي فرأيت شيئا ، فأتيتخديجة  ، فقلت : دثروني وصبوا علي ماء باردا . قال : فدثروني وصبوا علي ماء باردا ، فنزلت : { يأيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر ولا تمنن تستكثر ولربك فاصبر    }   } 
وقال بعض المفسرين : إنه جرى على النبي صلى الله عليه وسلم من عقبة بن ربيعة  أمر ، فرجع إلى منزله مغموما ، فتلفف واضطجع ، فنزلت : { يأيها المدثر    } . وهذا باطل . 
وقيل : أراد يا من تدثر بالنبوة . وهذا مجاز بعيد ; لأنه لم يكن نبيا إلا بعد ، على أنها أول القرآن ، ولم يكن تمكن منه بعد أن كانت ثاني ما نزل . المسألة الثانية هذه ملاطفة من الكريم إلى الحبيب ; ناداه بحاله ، وعبر عنه بصفته . ومثله { قول النبي صلى الله عليه وسلم  لعلي  رضي الله عنه : قم أبا تراب   } ، إذ خرج مغاضبا  لفاطمة  ، ونام في المسجد فسقط رداؤه وأصابه ترابه . { وقوله  لحذيفة  يوم الخندق    : قم يا نومان   } . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					