الآية التاسعة عشرة قوله تعالى : { إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا  ولم يك من المشركين    } . فيها مسألتان . 
المسألة الأولى : قال  ابن وهب  ، وابن القاسم  ، كلاهما عن  مالك  قال : بلغني أن  عبد الله بن مسعود  قال : يرحم الله  معاذ بن جبل  ، كان أمة قانتا لله . فقيل : يا أبا عبد الرحمن    ; إنما ذكر الله بهذا إبراهيم  ، فقال  ابن مسعود    : إن الأمة الذي يعلم الناس الخير ، وإن القانت هو المطيع . وقال الشعبي    : حدثني فروة بن نوفل الأشجعي  قال : قال  ابن مسعود    : إن  معاذا  كان أمة قانتا لله حنيفا . فقلت في نفسي : غلط أبو عبد الرحمن  ، إنما قال الله تعالى : إن  [ ص: 168 ] إبراهيم  كان أمة قانتا لله حنيفا . فقال : أتدري ما الأمة القانت ؟ قلت : الله أعلم . قال : الأمة الذي يعلم الخير . والقانت لله : المطيع لله ولرسوله ، وكذلك كان  معاذ بن جبل  يعلم الخير ، وكان مطيعا لله ولرسوله . 
المسألة الثانية : الحنيف : المخلص ، وكان إبراهيم قائما لله بحقه صغيرا وكبيرا ، آتاه الله رشده ، كما أخبر عنه ، فنصح له ، وكسر الأصنام ، وباين قومه بالعداوة ، ودعا إلى عبادة ربه ، ولم تأخذه في الله لومة لائم ; فأعطاه الله ألا يبعث نبيا بعده إلا من ذريته ، وأعطاه الله ألا يسافر في الأرض ، فتخطر سارة  بقلبه إلا هتك الله بينه وبينها الحجاب ، فيراها ، وكان أول من اختتن ، وأقام مناسك الحج ، وضحى ، وعمل بالسنن نحو قص الأظفار ، ونتف الإبط ، وحلق العانة ، وأعطاه الله الذكر الجميل في الدنيا ، فاتفقت الأمم عليه ، ولم ينقص ما أعطي في الدنيا من حظه في الآخرة ، وأوحي إلى محمد  وأمته أن اتبع ملة إبراهيم  ، فإنه كان حنيفا مسلما ، وما كان من المشركين . فعلى كل عبد أن يطيع الله ، ويعلم الأمة ، فيكون في دين إبراهيم  على الملة . 
				
						
						
