فأما : المسألة الثامنة : وهي سلب القتيل    : فإنه من الخمس عندنا ، وبه قال  أبو حنيفة  إذا رأى ذلك الإمام لغناء في المعطى : أو منفعة تجلب ، أو ائتلاف يرغب . 
وقال  الشافعي    : هو من رأس المال ; وظاهر القرآن يمنع من ذلك ; لأنه حق المالكين .  [ ص: 380 ] 
فأما الأخبار في ذلك فمتعارضة ، روي في الصحيح أن { النبي صلى الله عليه وسلم قضى بسلب أبي جهل  لمعاذ بن عمرو بن الجموح    } . وقال يوم حنين    : { من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه ، فأعطى السلب  لأبي قتادة  بما أقام من الشهادة ، وقضى بالسلب أجمع  لسلمة بن الأكوع  يوم ذي قرد   } . 
قلنا : هذه الأخبار ليس فيها أكثر من إعطاء السلب للقاتل . وهل إعطاء ذلك له من رأس مال الغنيمة أو من حق النبي وهو الخمس ؟  ذلك إنما يؤخذ من دليل آخر . 
وقد قسم الله الغنيمة قسمة حق على الأخماس ، فجعل خمسها لرسوله ، وأربعة أخماسها لسائر المسلمين ، وهم الذين قاتلوا وقتلوا ، فهم فيها شرع سواء ، لاشتراكهم في السبب الذي استحقوها به ; والاشتراك في السبب يوجب الاشتراك في المسبب ، ويمنع من التفاضل في المسبب مع الاستواء في السبب ; هذه حكمة الشرع وحكمه ، وقضاء الله في خلقه ، وعلمه الذي أنزله عليهم . 
والذي يدل على صحة ما ذهبنا إليه ما روى  مسلم    { أن  عوف بن مالك  قال : قتل رجل من حمير  رجلا من العدو ، فأراد سلبه ، فمنعه  خالد  ، وكان واليا عليهم ; فأخبر عوف  رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال  لخالد    : ما منعك أن تعطيه سلبه ؟ قال : استكثرته يا رسول الله . قال : ادفعه إليه . فلقي عوف   خالدا  فجره بردائه ، وقال : هل أنجزت ما ذكرت لك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستغضب ، فقال : لا  [ ص: 381 ] تعطه يا  خالد    . هل أنتم تاركو لي إمرتي   } . ولو كان السلب حقا له من رأس الغنيمة لما رده رسول الله صلى الله عليه وسلم ; لأنها عقوبة في الأموال ، وذلك أمر لا يجوز بحال . 
وقد ثبت أن  ابن المسيب  قال : ما كان الناس ينفلون إلا من الخمس . 
وروي عنه أنه قال : لا نفل بعد رسول الله . ولم يصح . 
				
						
						
