سبب رفع عيسى عليه السلام إلى السماء
قال وهب بن منبه : أتى عيسى عليه السلام ومعه سبعة عشر من الحواريين في بيت فأحاطوا بهم ، فقال عيسى عليه السلام : من يشتري نفسه منكم بالجنة ؟ فقال رجل: أنا ، فأخذوه فقتلوه .
وروى سعيد بن جبير ، عن ابن عباس : أن عيسى عليه السلام قال: أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني ويكون معي في درجتي ؟ فقام شاب فقال: أنا . فألقي عليه شبهه ورفع عيسى ، فقتلوه .
قال بعض العلماء: واسم هذا الرجل يشوع بن قديرا .
وروى أبو صالح ، عن ابن عباس : أن عيسى عليه السلام دخل خوخة ، فدخل وراءه رجل من اليهود ، فألقي عليه شبه عيسى ، فقتلوه وصلبوه .
قال وهب : رفع الله عيسى عليه السلام لثلاث ساعات من النهار ، وكساه الله الريش ، وألبسه النور ، وقطع عنه لذة المطعم والمشرب ، فأصبح ملكيا إنسيا ، سمائيا أرضيا . [ ص: 38 ]
وقال أبو الحسن بن البراء العبدي : رفع عيسى ليلة القدر ، وترك خفين ومدرعة ، وحذافة يحذف بها الطير ، وكان عمره ثلاثا وثلاثين سنة وأشهرا .
وقال سعيد بن المسيب : رفع الله عيسى وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة .
وقال مؤلف الكتاب: وقد ذكرنا أنه أوحى الله عز وجل إليه بعد الثلاثين ، فبقي يوحى إليه ثلاث سنين ، ثم انقطع الوحي بعده ، ووقعت الفترة إلى أن بعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .
وقد قيل: بل بعث بينهما أربعة من الرسل ، ثلاثة منهم مذكورون في قوله تعالى: إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث . والرابع: خالد بن سنان العبسي .
وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر عيسى ، فقال: " ليس بيني وبينه نبي " .
وظاهر هذا يمنع وجود نبي بينهما . ومن الممكن أن يتأول ، فيقال: لا نبي يغير حكما ، فإن عيسى أحل وحرم ، ومن بعث بعده دعى إلى دينه ولم يغير . والله أعلم .
قال علماء التاريخ: ومن هبوط آدم عليه السلام إلى أن رفع المسيح إلى السماء خمسة آلاف وخمسمائة واثنتان وثلاثون سنة .
[ ص: 39 ] ذكر حال عيسى عليه السلام عند نزوله من السماء
روى أبو هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه ذكر عيسى ، فقال: " إنه نازل يدق الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويضع الجزية ، ويفيض المال ، ويقاتل الناس على الإسلام ، فيهلك الله تعالى في زمانه مسيح الضلالة الدجال الكذاب ، ويقع الأمن في الأرض حتى يرعى الأسد مع الإبل ، والنمر مع البقر ، والذئاب مع الغنم ، ويلعب الصبيان بالحيات ، لا يضرهم شيئا ، فيمكث في الأرض أربعين سنه ، ثم يتوفى ويصلي عليه المؤمنون " .
وروى النواس بن سمعان ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ينزل عيسى على المنارة البيضاء شرقي دمشق " .
وقال عبد الله بن سلام : " مكتوب في التوراة صفة محمد يدفن معه عيسى ابن مريم عليهما السلام " .
أنبأنا أبو القاسم: هبة الله بن أحمد الحريري ، عن أبي طالب: محمد بن علي بن الفتح العشاري ، قال: أخبرنا أبو الحسين بن ميمي ، قال: حدثنا أبو علي بن صفوان ، قال: أخبرنا عبد الله بن عبيد الله بن مهدي ، قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن ، قال: أخبرنا محمد بن يزيد الواسطي ، عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي ، عن عبد الله بن زيد أبي عبد الرحمن الجيلي ، عن عبد الله بن عمر ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام إلى الأرض فيتزوج ويولد له ، ويمكث خمسا وأربعين سنة ، ثم يموت فيدفن معي في قبري ، فأقوم أنا وعيسى ابن مريم من قبر واحد بين أبي بكر وعمر " .


