ذكر خروج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المريسيع  
استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة   زيد بن حارثة   ، فيما قال محمد بن عمر  ، وابن سعيد   . وقال ابن هشام   :  أبا ذر الغفاري  ، ويقال : نميلة بن عبد الله الليثي  ، وهو بضم النون تصغير نملة . 
وقاد المسلمون ثلاثين فرسا ، للمهاجرين عشرة ، منها فرسان لرسول الله صلى الله عليه وسلم : لزاز- بلام فزاي فألف فزاي أخرى- والظرب-  بظاء معجمة مشددة مفتوحة فراء مكسورة فموحدة . 
وخرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر كثير من المنافقين لم يخرجوا في غزاة قط مثلها ، ليس بهم رغبة في الجهاد إلا أن يصيبوا من عرض الدنيا ، ولقرب السفر عليهم . 
فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سلك على الخلائق فنزل بها ، 
فأتي يومئذ برجل من عبد القيس  فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال له : أين أهلك ؟ قال : بالروحاء ، فقال : أين تريد ؟ قال : إياك جئت لأؤمن بك ، وأشهد أن ما جئت به حق ، وأقاتل معك عدوك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : 
الحمد لله الذي هداك إلى الإسلام ، وسأل : أي الأعمال أحب إلى الله ؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : 
الصلاة لأول وقتها   . 
وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عينا للمشركين ، فسأله عنهم ، فلم يذكر من شأنهم شيئا .  [ ص: 345 ] 
فعرض عليه الإسلام فأبى ، فأمر  عمر بن الخطاب  فضرب عنقه . 
وانتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المريسيع  ، وقد بلغ القوم مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقتله عينهم ، فتفرق عن الحارث من كان قد اجتمع عليه من أفناء العرب . 
وضرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبة من أدم   . 
وكان معه من نسائه  عائشة   وأم سلمة  رضي الله عنهما ، وتهيأ الحارث  للحرب ، فصف رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ، ودفع راية المهاجرين إلى أبي بكر  ، ويقال : إلى  عمار بن ياسر  ، وراية الأنصار إلى  سعد بن عبادة    . 
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم  عمر بن الخطاب  فنادى في الناس : قولوا : لا إله إلا الله ، تمنعوا بها أنفسكم وأموالكم ، ففعل عمر ذلك ، فأبوا ، فتراموا بالنبل ساعة ، فكان أول من رمى رجل منهم بسهم ، فرمى المسلمون ساعة بالنبل ، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يحملوا ، فحملوا حملة رجل واحد ، فما أفلت من المشركين إنسان ، وقتل عشرة منهم ، وأسر سائرهم ، وسبا رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال والنساء والذرية والنعم والشاء . 
وفي الصحيحين أنه صلى الله عليه وسلم هجم عليهم وهم غارون وما قتل من المسلمين إلا رجل واحد يقال له : هشام بن صبابة-  بصاد مهملة مضمومة فموحدة مخففة فألف فموحدة أخرى- أصابه رجل من الأنصار يقال له : أوس من رهط  عبادة بن الصامت  ، يرى أنه من المشركين فقتله خطأ ، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج ديته ، فقبضها أخوه مقيس بن صبابة  ، وعدا على قاتل أخيه فقتله ، فارتد ولحق بقريش فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمه ، فقتل يوم الفتح  . 
قال  أبو قتادة   : حمل لواء المشركين يومئذ صفوان ذو الشقرة  ، فلم تكن لي ناهية حتى شددت عليه ، وكان الفتح . 
وكان شعار المسلمين يومئذ : «يا منصور أمت»   . 
وروى محمد بن عمر  عن  جويرية  رضي الله عنها قالت : أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن على المريسيع  ، فأسمع أبي يقول : أتانا ما لا قبل لنا به ، قالت : فكنت أرى من الناس والسلاح والخيل ما لا أصف من الكثرة ، فلما أن أسلمت وتزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجعنا جعلت أنظر إلى المسلمين فليسوا كما كنت أرى ، فعلمت أنه رعب من الله تعالى يلقيه في قلوب المشركين   . 
وكان رجل منهم قد أسلم وحسن إسلامه يقول : كنا نرى رجالا بيضا على خيل بلق ما كنا نراهم قبل ولا بعد .  [ ص: 346 ] 
				
						
						
