الباب السابع عشر في غزوة دومة الجندل  
وسببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يدنو إلى أدنى الشام  ، وقيل له : إنها طرف من أفواه الشام  ، فلو دنوت لها لكان ذلك مما يفزع قيصر ، وذكر له أن بها جمعا كثيرا ، وأنهم يظلمون من مر بهم ، ويريدون أن يدنوا من المدينة  ، فندب النبي صلى الله عليه وسلم الناس . 
واستخلف على المدينة  سباع- بمهملة مكسورة فموحدة فألف فعين مهملة- ابن عرفطة بضم العين المهملة والفاء- الغفاري   ، بكسر الغين المعجمة . 
وخرج صلى الله عليه وسلم في ألف من أصحابه ، فكان يسير الليل ويكمن النهار ، ومعه دليل له من بني عذرة  يقال له : «مذكور»  رضي الله عنه ، هاد خريت  ، وسار مغذا للسير ، ونكب عن طريقهم ، فلما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من دومة الجندل  
قال له الدليل : يا رسول الله ، إن سوائمهم ترعى عندك فأقم لي حتى أطلع لك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «نعم» ، 
فخرج العذري طليعة وحده حتى وجد آثار النعم والشاء وهم مغربون ، ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره وقد عرف مواضعهم ، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى هجم على ماشيتهم ورعائهم ، فأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منها ، وفر باقيهم فتفرق أهل دومة الجندل ، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بساحتهم فلم يجد بها أحدا ، فأقام بها أياما ، وبث السرايا فعادت كل سرية بإبل ولم تلق أحدا ، إلا أن محمد بن مسلمة  أخذ رجلا منهم ، فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم ، فسأله عن أصحابه فقال : هربوا أمس لما سمعوا أنك أخذت نعمهم ، فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام أياما فأسلم ، ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة  ، في العشرين من ربيع الآخر ، ووادع صلى الله عليه وسلم في طريقه عيينة بن حصن الفزاري  أن يرعى بتغلمين وما والاها إلى المراض ، وكانت بلاده قد أجدبت . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					