ذكر إرساله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة  إليهم واعترافهم برسالته 
لما جاء محمد بن مسلمة  رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : «اذهب إلى يهود بني النضير  فقل لهم : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أرسلني إليكم أن اخرجوا من بلدي»   . 
فلما جاءهم قال : 
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني إليكم برسالة ، ولست أذكرها لكم حتى أعرفكم بشيء تعرفونه في مجلسكم ، فقالوا : ما هو ؟ قال : أنشدكم بالتوراة ، التي أنزل الله على موسى : هل تعلمون أني  [ ص: 320 ] 
جئتكم قبل أن يبعث محمد وبينكم التوراة فقلتم لي في مجلسكم هذا : يا ابن مسلمة  إن شئت أن نغديك غديناك ، وإن شئت أن نهودك هودناك ، فقلت لكم : بل غدوني ولا تهودوني ، فإني والله لا أتهود أبدا ، فغديتموني في صحفة لكم ، وقلتم لي : ما يمنعك من ديننا إلا أنه دين يهود ، كأنك تريد الحنيفية التي سمعت بها ، أما إن أبا عامر الراهب  ليس بصاحبها ، أتاكم صاحبها الضحوك القتال في عينيه حمرة ، ويأتي من قبل اليمن ، يركب البعير ، ويلبس الشملة ، ويجتزئ بالكسرة ، وسيفه على عاتقه ، ينطق بالحكمة كأنه وشيجتكم هذه ، والله ليكونن في قريتكم هذه سلب ، وقتل ، ومثل ، قالوا : اللهم نعم ، قد قلنا ذلك وليس به . قال : قد فرغت ، 
إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني إليكم يقول لكم : «إنكم قد نقضتم العهد الذي جعلت لكم ، بما هممتم به من الغدر بي» . 
وأخبرهم بما كانوا هموا به وظهور عمرو بن جحاش  على البيت ليطرح الصخرة ، فأسكتوا ، فلم يقولوا حرفا . 
ويقول : «اخرجوا من بلدي وقد أجلتكم عشرا ، فمن رئي بعد ذلك ضربت عنقه» ، 
قالوا : يا محمد ، ما كنا نرى أن يأتي بهذا رجل من الأوس  . 
قال محمد بن مسلمة   : تغيرت القلوب . 
فمكثوا على ذلك أياما يتجهزون ، وأرسلوا إلى ظهرهم بذي الجدر يجلب لهم ، وتكاروا من ناس من أشجع [إبلا] وجدوا في الجهاز . 
				
						
						
