تنبيهات
الأول : قال السهيلي رحمه الله تعالى : الوضوء على هذا الحديث- يعني رواية الحارث بن أبي أسامة عن زيد بن حارثة- مكي بالفرض مدني بالتلاوة ، لأن آية الوضوء مدنية وإنما قالت عائشة : فأنزل الله آية التيمم ولم تقل آية الوضوء وهي هي لأن الوضوء قد كان مفروضا قبل ، غير أنه لم يكن قرآنا يتلى حتى نزلت آية المائدة .
قلت : قال الحاكم رحمه الله تعالى في المستدرك : أهل السنة بهم حاجة إلى دليل الرد على من زعم أن الوضوء لم يكن قبل نزول المائدة . ثم ساق حديث ابن عباس : دخلت فاطمة على النبي صلى الله عليه وسلم وهي تبكي فقالت : هؤلاء الملأ من قريش قد تعاقدوا على قتلك فقال : ائتوني بوضوء فتوضأ ثم خرج إلى المسجد . وذكر الحديث .
وقال أبو عمر رحمه الله تعالى : معلوم عند جميع أهل المغازي أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل منذ افترضت الصلاة إلا بوضوء ، ولا يدفع هذا إلا جاهل أو معاند ، قال : وفي قول عائشة رضي الله . [ ص: 298 ]
تعالى عنها : «فأنزل الله آية التيمم» إشارة إلى أن الذي طرأ إليهم من العلم حينئذ حكم التيمم لا حكم الوضوء .
قال : والحكمة في نزول آية الوضوء مع ما تقدم العمل به ليكون فرضه متلوا بالتنزيل .
وقال غيره : يحتمل أن يكون أول آية الوضوء نزل قديما فعملوا به ، ثم نزل بقيتها وهو ذكر التيمم في هذه القصة . وإطلاق آية التيمم على هذا من إطلاق الكل على البعض .
قال الحافظ : لكن رواية عمرو بن الحارث عند البخاري في التفسير تدل على أن الآية نزلت جميعها في هذه القصة ، فالظاهر ما قاله ابن عبد البر .
وقال القاضي رحمه الله تعالى : اختلفوا متى فرضت الطهارة للصلاة؟ فذهب ابن الجهم إلى أن الوضوء في أول الإسلام سنة ثم نزل فرضه في آية التيمم وقال الجمهور : بل كان قبل ذلك فرضا . انتهى .
الثاني : قال الحافظ عماد الدين بن كثير رحمه الله تعالى : صلاة جبريل هذه غير الصلاة التي صلاها به عند البيت مرتين ، فبين له أوقات الصلوات الخمس أولها وآخرها فإن ذلك كان بعد فرضيتها ليلة الإسراء ، كما سيأتي بيان ذلك .
الثالث : زعم ابن حزم أن الوضوء لم يشرع إلا بالمدينة وتعقب بما تقدم .
الرابع : قال السهيلي : ذكر الحربي ويحيى بن سلام أن الصلاة كانت قبل الإسراء صلاة قبل غروب الشمس وصلاة قبل طلوعها .
ونقل ابن الجوزي عن مقاتل بن سليمان قال : فرض الله تعالى على المسلمين في أول الإسلام ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي .
قال الحافظ بعد أن نقل ما ذكره الحربي : ورده جماعة من أهل العلم . وقال قبل ذلك : ذهب جماعة إلى إنه لم يكن قبل الإسراء صلاة مفروضة إلا ما وقع الأمر به من صلاة الليل من غير تحديد .
الخامس : ذكر ابن إسحاق هنا حديث ابن عباس في إمامة جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم وتعليمه إياه أوقات الصلوات الخمس في اليومين .
قال في الروض : ولم يكن ينبغي له ذكره في هذا الموضع ، لأن أهل العلم متفقون على أن هذه القصة كانت في الغد من ليلة الإسراء كما سيأتي بيان ذلك في موضعه .
السادس : في بيان غريب ما تقدم .
حتى صب الحفنة- بفتح الحاء المهملة : ملء الكفين . [ ص: 299 ]
نضح : بالحاء المهملة : رش .
لهيعة : بفتح اللام وكسر الهاء .
عقيل : بضم العين وفتح القاف . همز : أي دفع :
بعقبه- بفتح العين وكسر القاف : مؤخر القدم .
الطهور - بضم الطاء : الوضوء ويجوز فيه الفتح والأكثر في الماء الفتح ، ويجوز الضم .
عفيف- بعين مهملة بالتكبير : صحابي له في فضل علي حديث .
مجتمع- بميم مضمومة فجيم ساكنة فمثناة فوقية مفتوحة فميم مكسورة : وهو الذي بلغ أشده ولا يقال ذلك في النساء .
إسباغ الوضوء : الوضوء هنا بالضم لأنه الفعل ويجوز فيه الفتح ، والماء بالفتح ويجوز فيه الضم .
راهق : قارب الاحتلام . والله أعلم . [ ص: 300 ]


