الثاني عشر : في سخائه وكرمه رضي الله تعالى عنه  
روي عن . . . أن  معاوية  أمر  لابن عباس   -رضي الله تعالى عنه- بأربعة آلاف درهم ، ففرقها في بني عبد المطلب ،  فقالوا : إنا لا نقبل الصدقة ، فقال : إنها ليست بصدقة ، وإنما هي هدية . 
الثالث عشر : في تعليم النبي صلى الله عليه وسلم  ابن عباس   -رضي الله تعالى عنه- كلمات ينفعه الله تعالى بهن .  
وروى  عبد بن حميد   والخلعي   وأبو نعيم  واللفظ له ، عن  ابن عباس   -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له :  "يا غلام ، ألا أعلمك كلمات ينفعك الله -عز وجل- بهن ، احفظ الله يحفظك ، احفظ الله تجده أمامك ، تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ، وإذا سألت فاسأل الله ، وإذا استعنت فاستعن بالله ، جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة ، واعلم أن الخلق لو اجتمعوا على أن يعطوك شيئا لم يكتبه الله لك لم يقدروا على ذلك ، وعلى أن يمنعوك شيئا كتبه الله لك لن يقدروا على ذلك ، فاعمل لله -عز وجل- بالرضى واليقين ، واعلم أن النصر مع الصبر ، وأن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا ، وأن الفرج مع الكرب ، وأن مع العسر يسرا" . 
 [ ص: 131 ] الرابع عشر : في حرصه على الخير في صغره  
روى الشيخان عن  ابن عباس   -رضي الله تعالى عنهما- قال : أقبلت راكبا على أتان ، وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى غير جدار بمنى .  
وروى  ابن جرير  عن  سعيد بن جبير   -رضي الله تعالى عنه- عن  ابن عباس  قال : بت عند خالتي  ميمونة ،  فجاء النبي صلى الله عليه وسلم بعدما أمسى ، فقال : أصلى الغلام ؟ قالوا : نعم ، فاضطجع حتى مضى من الليل ما شاء ، ثم قام فتوضأ ، فقمت فتوضأت بفضلته ، ثم اشتملت بإزاري ، ثم قمت عن يساره ، فأخذ بأذني فأدارني حتى أقامني عن يمينه ، ثم صلى سبعا أو خمسا أوتر بهن ، لم يسلم إلا في آخرهن . 
وروي عن عكرمة   -رضي الله تعالى عنه- قال : بت عند خالتي  ميمونة  فقمت فقلت : لأنظرن إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقام من الليل ، فقمت معه ، فبال فتوضأ وضوءا خفيفا ، ثم عاد ثم قام ، فبال فتوضأ وضوءا فأحسن الوضوء ، ثم توضأ ، قال : فصلى من الليل فقمت خلفه ، فأهوى بيده وأخذ برأسي فأقامني عن يمينه إلى جنبه ، فصلى أربعا ثم أربعا ، ثم أوتر بثلاث ، ثم نام ، حتى سمعته ينفخ ، ثم أتاه المؤذن فخرج إلى الصلاة ، ولم يحدث وضوءا . 
وروى  ابن أبي شيبة  عنه -رضي الله تعالى عنه- قال : بت ذات ليلة عند  ميمونة بنت الحارث ،  فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ، فقمت عن يساره ، فأخذ بداوية كانت لي أو برأسي ، فأقامني عن يمينه . 
وروى  عبد الرزاق  عنه قال : بت عند خالتي  ميمونة  فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ، فأتى الخوخة ثم جاء فغسل وجهه ويديه ، ثم قام يصلي من الليل فأتى القربة ، فتوضأ وضوءا بين وضوءين ، لم يكثر وقد أبلغ ، ثم قام يصلي ، وتمطيت كراهية أن يراني القتيبة -يعني أراقبه- ثم قمت ، ففعلت كما فعل ، فقمت عن يساره فأخذ بما يلي أذني فكنت عن يمينه ، وهو يصلي ، فتتامت صلاته إلى ثلاث عشرة ركعة ، منها ركعتا الفجر ، ثم اضطجع فنام حتى نفخ ، ثم جاء  بلال  فآذنه بالصلاة ، فقام يصلي ، ولم يتوضأ . 
وروي أيضا عنه قال : كنت في بيت  ميمونة  فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ، فقمت عن يساره فأخذ بيدي ، فجعلني عن يمينه ، ثم صلى ثلاث عشرة ركعة ، حررت قيامه في كل ركعة قدر "يا أيها المزمل" . 
الخامس عشر : في قوله صلى الله عليه وسلم : "هذا شيخ قريش"  وهو صغير  
روى  أبو زرعة الرازي  في "العلل" عن  ابن عباس   -رضي الله تعالى عنه- قال : أتيت خالتي  ميمونة  فقلت : إني أريد أن أبيت عندكم الليلة ، فقالت : وكيف تبيت وإنما الفراش  [ ص: 132 ] واحد ؟ !! فقلت : لا حاجة لي بفراشكما ، أفرش نصف إزاري ، وأما الوسادة فإني أضع رأسي مع رأسكما من وراء الوسادة ، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثته  ميمونة  بما قال  ابن عباس ،  فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "هذا شيخ قريش" .  
				
						
						
