الحادية والثلاثون : وبصلاة خمسين صلاة كل يوم وليلة على وفق ما كان ليلة الإسراء ، وأورد الأحاديث في صلاته عن الخمس فبلغت مائة ركعة . 
قلت : كذا أورد هذه من قسم الواجبات رزين يقول : إن الذي خفف ليلة الإسراء إنما كان عن الأمة فقط ،  فيرد ما رواه  البخاري  في صحيحه من طريق شريك  عن  أنس   (رضي الله عنه) من حديث المعراج وفيه : ثم هبط حتى بلغ موسى ،  فاحتبسه موسى  فقال : يا محمد ،  ماذا عهد إليك ربك ؟ قال : "خمسين صلاة كل يوم" ، قال : إن أمتك لا تستطيع ذلك فارجع إلى ربك فليخفف عنك ربك وعنهم وفيه فقال : "يا رب ، خفف" فوضع عنه عشرا إلى آخره . 
وروى  النسائي   وابن أبي حاتم  من طريق يزيد بن أبي مالك  عن  أنس   (رضي الله عنه) فذكر حديث المعراج وفيه :  "ثم مررت على موسى فقال : كم فرض عليك وعلى أمتك ؟ قلت : خمسين صلاة ، قال : إنك لن تستطيع أن تقوم أنت ولا أمتك ، فاسأل ربك التخفيف ، فرجعت فأتيت سدرة المنتهى ، فخررت ساجدا فقلت : يا رب ، فرضت علي وعلى أمتي خمسين صلاة ، فلن أستطيع أن أقوم بها أنا ولا أمتي قال : قد وضعت عنكم عشرا" إلى آخره . 
روى  ابن مردويه  من طريق كثير بن حبيش  عن  أنس  نحوه . فذكر الحديث وفيه  "فرجعت حتى أمر على موسى فقال : كم فرض عليك وعلى أمتك ؟ قلت : خمسين صلاة ، قال : فارجع إلى ربك فاسأله ، أن يخفف عنك وعن أمتك ، فرجعت فوضع عني عشرا"  . 
فتبين بما ذكر أن التخفيف وقع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- وعن أمته . 
قال الحافظ : في الكلام على قوله تبارك وتعالى ليلة الإسراء هن خمس وهن خمسون ، استدل به على عدم وجوب ما زاد على الخمس كالوتر ، وعلى دخول النسخ في الإنشاءات ولو كانت مؤكدة خلافا لقوم فيما أكدوا على جواز النسخ ، قبل الفعل . 
قال  ابن بطال  وغيره : ألا ترى أنه -عز وجل- نسخ الخمسين بالخمس قبل أن تصلى ، ثم تفضل عليهم بأن أكمل لهم الثواب . 
وتعقبه ابن المنير  فقال : هذا ذكره طوائف من الأصوليين ، والشراح وهو مشكل على من أثبت النسخ قبل الفعل كالأشاعرة وإن منعه المعتزلة ،  لكونهم اتفقوا جميعا على أن النسخ لا يتصور قبل البلاغ وحديث الإسراء وقع فيه النسخ قبل البلاغ ، فهو مشكل عليهم جميعا . 
قال هذه نكتة مبتكرة قلت : إن أراد قبل البلاغ لكل أحد فممنوع ، وإن أراد إلى الأمة فمسلم ، لكن قد يقال : ليس هذا بالنسبة إليهم نسخا ، لكن هو نسخ بالنسبة إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- لأنه كلف .  [ ص: 405 ] 
بذلك قطعا ثم نسخ بعد أن بلغه ، وقبل أن يفعل ، فالمسألة صحيحة التصوير في حقه -صلى الله عليه وسلم- انتهى كلام الحافظ ، فانظر إلى قوله : إنه كلف بذلك قطعا ، ثم نسخ بعد أن بلغه . 
الثانية والثلاثون : وبوجوب إيقاظ نائم مر عليه وقت الصلاة ، وهو امتثال ، قال تعالى : ادع إلى سبيل ربك   [النحل - 125] . 
قلت : الخصائص لا تثبت إلا بدليل صحيح ، ولا دلالة فيما ذكر . 
				
						
						
