الباب الخامس في سيرته -صلى الله عليه وسلم- في الهدي 
وفيه أنواع : 
الأول : في إشعاره صلى الله عليه وسلم وتقليده هديه وما أهداه 
وروى الإمامان  الشافعي   وأحمد   ومسلم  والأربعة عن  ابن عباس   -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا في حجة الوداع بناقته فأشعرها  في صفحة سنامها الأيمن ، وسلت الدم عنها بيده ، وفي لفظ : بإصبعه ، وقلدها نعلين . 
وروى الشيخان عن  عائشة   -رضي الله تعالى عنها- قالت : أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة إلى البيت غنما فقلدها .  
وروى  الإمام أحمد   وأبو داود   وابن ماجه  عن  ابن عباس   -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى عام الحديبية هدية فيها جمل أحمر لأبي جهل في أنفه برة من فضة ليغيظ بذلك المشركين . 
وروى  الإمام أحمد  برجال ثقات عن  جابر   -رضي الله عنه- قال : أهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم غنما . 
وروى الشيخان عن  عائشة   -رضي الله عنها- قالت : دخل علينا يوم النحر في حجة الوداع بلحم بقر ، فقلت : ما هذا ؟ فقيل : ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه بالبقر .  
وروى  مسلم   والإمام أحمد   والترمذي  عن  جابر   -رضي الله عنه- قال : ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عائشة بقرة يوم النحر . 
وروى  أبو داود   وابن ماجه   والنسائي  عن  عائشة   ومسلم  عن  جابر   -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى وفي لفظ : نحر ، عن آل محمد في حجة الوداع بقرة واحدة . 
 [ ص: 84 ] وروى  أبو داود   والبيهقي  عن  أبي هريرة   -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح عمن اعتمر من نسائه بقرة بينهن . 
وروى الشيخان عن  عائشة   -رضي الله تعالى عنها- قالت : فتلت قلائد بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ، ثم أشعرها وقلدها ، ثم بعث بها إلى البيت ، ثم أقام بالمدينة ،  فما حرم عليه شيء كان له حلالا . 
وروى الشيخان عنها -رضي الله تعالى عنها- قالت : أنا فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي ، ثم قلدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديه ، ثم بعث بها مع أبي ، فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء أحله الله له حتى نحر الهدي . 
وروى  ابن ماجه   والترمذي  وصحح وقفه عن  ابن عمر   -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى هديه من قديد . 
الثاني : في أمره صلى الله عليه وسلم بركوب الهدي  
يروي الإمامان  مالك   وأحمد  عن  أبي هريرة  والستة إلا  أبا داود  عن  أنس   -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة ، فقال : اركبها ، فقال : إنها بدنة ، قال : اركبها ثلاثا ، وقال في الثالثة أو الرابعة : اركبها ويلك! أو قال : ويحك! قال  أبو هريرة :  فلقد رأيته راكبها يساير بها النبي صلى الله عليه وسلم . 
الثالث : في سيرته صلى الله عليه وسلم فيما يقطعه من الهدي ومن كان على هديه زاده الله تعالى شرفا وفضلا 
وروى مسلم عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنه- أن ذؤيبا أبا قبيصة  حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث ست عشرة بدنة من بدنه مع رجل ، سماه في رواية أبي ذؤيب «أبا قبيصة»  وفي لفظ : كأن يبعث بالبدن ، ثم يقول : إن عطب منها شيء ، فخشيت عليها موتا فانحرها ثم اغمس نعلها في دمها ، ثم اضرب به صفحتها ولا تطعمها أنت . وفي رواية : ولا تأكل أنت ولا أحد من أهل رفقتك . 
 [ ص: 85 ] وروى  الإمام أحمد   وأبو داود   وابن ماجه   والترمذي  وصححه عن ناجية الخزاعي   -رضي الله تعالى عنه وفي لفظ : وكان صاحب بدن ، وفي لفظ : هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم- قال : قلت : كيف أصنع بما عطب من البدن ؟ قال : انحرها واغمس نعلها في دمها ، واضرب به صفحتها ، وخل بين الناس وبينها فليأكلوها . 
وروى  الإمام أحمد  والأربعة عن ناجية الأسلمي   -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معه بهدي ، فقال : إن عطب فانحره ثم اصبغ نعله في دمه ، ثم خل بينه وبين الناس . 
وروى  الإمام أحمد  عن عمرو بن خارجة الثمالي   -رضي الله تعالى عنه- قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم معي هديا وقال : إذا عطب منها شيء فانحره ، ثم اضرب نعله في دمه ، ثم اضرب به صفحته ولا تأكل أنت ولا أهل رفقتك . 
الرابع : في إرساله صلى الله عليه وسلم الهدي وهو مقيم بالمدينة 
وروى الإمامان  مالك   وأحمد  والستة عن  عائشة   -رضي الله عنها- قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهدي من المدينة فأفتل قلائد هديه من عهن كان عندنا ، ولا يجتنب شيئا مما يجتنب المحرم ، يأتي ما يأتي الحلال من أهله . 
وروى  الإمام أحمد  برجال ثقات ،  والبزار  عن  جابر ،  والإمام  أحمد  برجال الصحيح عن  عطاء بن يسار ،  عن نفر من بني أبي سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا فقد ، وفي لفظ عطاء : «فشق» قميصه من جيبه حتى أخرجه من رجليه ، قال  جابر :  فينظر القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إني أمرت ببدني التي بعثت بها أن تقلد اليوم وتشعر اليوم على ماء كذا وكذا ، فلبست قميصا ونسيت ، فلم أكن أخرج قميصي من رأسي وكان بعث ببدنة وأقام» . 
الخامس : في نحره صلى الله عليه وسلم بيده  
وروى  الإمام أحمد  عن  ابن عباس   -رضي الله تعالى عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أهدى مائة بدنة نحر منها ثلاثين بدنة بيده ، ثم أمر عليا فنحر ما بقي منها ، وقال : اقسم لحومها وجلالها وجلودها بين الناس ولا تعطين جزارا منها شيئا ، وخذ لنا من كل بعير  [ ص: 86 ] حذية من لحم ، ثم اجعلها في قدر واحدة ، حتى نأكل منها ونحسو من مرقها ففعل . 
وروى  أبو داود  عن  علي   -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نحر بدنا نحر ثلاثين بيده ، وأمرني فنحرت سائرها . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					