وأما الآثار فقد وجد في رسالة عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري عليك بالصبر ، واعلم أن الصبر صبران ؛ أحدهما أفضل من الآخر ، الصبر في المصيبات حسن ، وأفضل منه الصبر عما حرم الله تعالى ، واعلم أن الصبر ملاك الإيمان ، وذلك بأن التقوى أفضل البر والتقوى بالصبر وقال علي كرم الله وجهه : بني الإيمان على أربع دعائم ؛ اليقين والصبر والجهاد والعدل وقال أيضا : الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، ولا جسد لمن لا رأس له ، ولا إيمان لمن لا صبر له وكان عمر رضي الله عنه يقول : نعم العدلان ونعمت العلاوة للصابرين ، يعني بالعدلين الصلاة والرحمة ، وبالعلاوة الهدى ، والعلاوة ما يحمل فوق العدلين على البعير وأشار به إلى قوله تعالى : أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون وكان حبيب بن أبي حبيب إذا قرأ هذه الآية : إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب بكى وقال : واعجباه أعطى وأثنى ، أي : هو المعطي للصبر وهو المثني وقال أبو الدرداء : ذروة الإيمان الصبر للحكم والرضا بالقدر هذا بيان فضيلة الصبر من حيث النقل وأما ، من حيث النظر بعين الاعتبار فلا تفهمه إلا بعد فهم حقيقة الصبر ، ومعناه إذ معرفة الفضيلة والرتبة معرفة صفة فلا تحصل قبل معرفة الموصوف فلنذكر حقيقته ومعناه وبالله التوفيق .


