وفرقة أخرى ينفقون الأموال في الصدقات على ، الفقراء والمساكين ، ويطلبون به المحافل الجامعة  ومن الفقراء من عادته الشكر والإفشاء للمعروف ويكرهون التصدق في السر ، ويرون إخفاء الفقير لما يأخذ منهم جناية عليهم وكفرانا وربما يحرصون على إنفاق المال في الحج فيحجون مرة بعد أخرى ، وربما تركوا جيرانهم جياعا ، ولذلك قال  ابن مسعود  في آخر الزمان يكثر الحاج بلا سبب ، يهون عليهم السفر ويبسط لهم في الزرق ويرجعون محرومين مسلوبين يهوي بأحدهم بعيره بين الرمال والقفار ، وجاره مأسور إلى جنبه لا يواسيه . 
وقال  أبو نصر التمار  إن رجلا جاء يودع بشر بن الحارث وقال : قد عزمت على الحج ، فتأمرني بشيء فقال : له كم أعددت للنفقة فقال : ألفي درهم . 
قال ،  بشر :  فأي شيء تبتغي بحجك ; تزهدا أو اشتياقا إلى البيت أو ابتغاء مرضاة الله ؟! قال : ابتغاء مرضاة الله قال فإن أصبت مرضاة الله تعالى وأنت في منزلك ، وتنفق ألفي درهم ، وتكون على يقين من مرضاة الله تعالى ، أتفعل ذلك ? قال : نعم . قال : اذهب فأعطها عشرة أنفس مديون يقضي دينه وفقير يرم شعثه ومعيل يغني عياله ، ومربي يتيم يفرحه ، وإن قوي قلبك تعطيها واحدا فافعل ; فإن إدخالك السرور على قلب المسلم ، وإغاثة اللهفان ، وكشف الضر وإعانة الضعيف أفضل من مائة حجة بعد حجة الإسلام ، قم فأخرجها كما أمرناك ، وإلا فقل لنا ما في قلبك . فقال يا أبا نصر  سفري أقوى في قلبي فتبسم بشر رحمه الله ، وأقبل عليه وقال له : المال إذا جمع من وسخ التجارات والشبهات اقتضت النفس أن تقضي به وطرا فأظهرت الأعمال الصالحات ، وقد آلى الله على نفسه أن لا يقبل إلا عمل المتقين . 
     	
		
				
						
						
