وفرقة أخرى تغلب عليهم الوسوسة في إخراج حروف الفاتحة ، وسائر الأذكار من مخارجها ، فلا يزال يحتاط في التشديدات والفرق بين الضاد والظاء وتصحيح مخارج الحروف في جميع صلاته لا يهمه غيره ، ولا يتفكر فيما سواه ذاهلا عن معنى القرآن والاتعاظ به وصرف ، الفهم إلى أسراره .
وهذا من أقبح أنواع الغرور ، فإنه لم يكلف الخلق في تلاوة القرآن من تحقيق مخارج الحروف إلا بما جرت به عادتهم في الكلام .
ومثال هؤلاء مثال من حمل رسالة إلى مجلس سلطان ، وأمر أن يؤديها على وجهها فأخذ يؤدي الرسالة ، ويتأنق في مخارج الحروف ويكررها ، ويعيدها مرة بعد أخرى ، وهو في ذلك غافل عن مقصود الرسالة ، ومراعاة حرمة المجلس ، فما أحراه بأن تقام عليه السياسة ، ويرد إلى دار المجانين ، ويحكم عليه بفقد العقل .


