باب في الأكل والصدقة من الأضحية  
أمر الله سبحانه وتعالى في الهدايا أن يؤكل منها، ويتصدق، فقال -عز وجل-: فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير   [الحج: 28] ، وقال: فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر   [الحج: 36]. 
وأبان النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الضحايا كذلك، فقال  "كنت نهيتكم أن تمسكوا من لحوم نسككم بعد ثلاث، فكلوا وادخروا وتصدقوا" فأباح الإمساك بعد ثلاث، وأثبت الصدقة فلم ينسخها، فقال:  "ادخروا وتصدقوا"  . 
واختلف المذهب هل يؤمر بامتثال الوجهين: الأكل، والصدقة حسبما في الحديث أم لا؟ فقال: له أن يأكل ولا يتصدق، أو يتصدق ولا يأكل. فقال  مالك  في كتاب  ابن حبيب   : يأكل ويتصدق، كما قال الله سبحانه. 
ولو أراد أن يتصدق بلحم أضحيته كله كان كأكله إياه ولم يتصدق، حتى يفعل الأمرين. وقال  ابن المواز   : لو أكله كله لكان جائزا، ولو تصدق به كله كان أعظم لأجره .  [ ص: 1567 ] 
والأول أحسن، فليس له أن يأكل ذلك كله، وقد كان الأصل: ألا يأكل منها شيئا; لأنه قد جعلها لله سبحانه، وتقرب بها إليه; فلا يرجع في شيء جعله لله، كما لا يرجع فيما جعله لله -عز وجل- صدقة، فأباح الله سبحانه أن يأكل منها، وأثبت الصدقة منها على الأصل ، فلم يجز أن يأكل الجميع، وأبان النبي - صلى الله عليه وسلم - أن الضحايا في ذلك كالهدايا . 
ويكره أن يتصدق بالجميع; لما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نحر مائة من الإبل، ثم أمر أن يؤخذ من كل واحدة بقطعة فطبخت، ليكون إذا أطعم من مرقها قد أكل من جميعها. أخرجه  مسلم   . 
وقال  ابن حبيب   : وليس لما يؤكل، ولا لما يتصدق به حد. ويجزئ منه ما قل . 
وقال  ابن الجلاب   : الاختيار أن يأكل الأقل . 
ويستحب أن يكون أول ما يأكله يوم النحر من أضحيته،  قال  ابن شهاب   : يأكل من كبدها .  [ ص: 1568 ] 
				
						
						
