فصل [انعقاد الإحرام] 
الإحرام ينعقد بالنية والتلبية  ، وليس عليه أن يسمي حجا ولا عمرة ؛ قياسا على الصلاة والصوم ، فليس عليه أن يسمي ما يدخل فيه من صلاة ولا صوم ، فإن سمى حجا أو عمرة فواسع . 
ويختلف إذا نوى وتوجه ناسيا التلبية ، أو نوى ولم يتوجه ، فقال  مالك  في المدونة : إن توجه ناسيا التلبية فهو محرم بنيته . 
يريد : لأنه حصل منه نية وفعل ، وهو التوجه ، ولم ير التلبية كتكبيرة الإحرام . 
وقال  ابن حبيب   : التلبية كتكبيرة الإحرام   . 
وأما إن نوى ولم يتوجه فيختلف هل ينعقد عليه ما نوى قياسا على من عقد على نفسه يمينا أو طلاقا بالنية من غير نطق ؟ 
وقد اختلف عن  مالك  في ذلك ، وهو في هذا بخلاف الصوم ؛ لأنه في الصوم نية وفعل ، وهو الإمساك عن الأكل والشرب ، وفي الإحرام نية بغير فعل . 
وكذلك إن قرن ، فإن النية والتلبية تكفيه ، فإن سمى الحج والعمرة فواسع ، ويلزم الحج والعمرة تمتعا أو العمرة ثم الحج ، فإن التزم الحج ثم العمرة كان مفردا وإن نطق بالحج ثم العمرة . نظرت ، فإن كان أوجب القران بالنية معا ، أوجبتهما معا ، ثم أخذ في النطق ، فنطق بالحج ثم بالعمرة كان قارنا . وإن لم يوجب ذلك إلا بالنطق لزمه الحج وحده .  [ ص: 1138 ] 
وقال محمد  فيمن أراد  أن يهل بالحج مفردا فأخطأ ، فقرن أو تكلم بالعمرة  ، قال : ليس ذلك بشيء ، فإنما ذلك إلى نيته ، وهو على حجه . 
يريد : لأن الزائد على ما نواه لفظ بغير نية . 
وقال  أشهب  فيمن لبى يريد الإحرام ، ولم ينو شيئا   : الاستحسان أن يكون مفردا ، والقياس أن يكون قارنا . 
قال : وإن نوى شيئا فنسي ما أحرم به كان قارنا لا بد . 
قال الشيخ - رضي الله عنه - : جوابه في السؤالين على مثل أهل المدينة ، أنه يخرج مرة للعمرة ، ومرة للحج . فأما أهل الغرب فإنما يحرمون للحج لا يعرفون غيره ، ولا يريدون إلا إياه . وقد قيل فيمن حلف بيمين ، فلم يدر بماذا حلف : أن كل يمين لم يعتد الحالف الحلف ما لا يدخل في يمينه مع الشك . 
وإن شك هذا ، هل أفرد أو قرن - تمادى على نية القران وحده . 
وإن شك ، هل أحرم بعمرة أو بحج مفردا  ؛ طاف وسعى لإمكان أن يكون إحرامه لعمرة . ولا يحلق لإمكان أن يكون في حج . 
ويتمادى على عمل الحج ، ويهدي لتأخير الحلاق ، وليس للقران ؛ لأنه لم يحدث نية للحج ، وإنما تمادى على نية تقدمت ، وتلك النية كانت لشيء واحد . 
فإن كانت لعمرة ؛ فقد تمت بالطواف والسعي ، وتماديه بعد ذلك لا يكون به قارنا . 
وإن كانت نيته للحج كان مفردا ، وكان ذلك الطواف له لا للعمرة ؛ لأنه  [ ص: 1139 ] لم يحدث نية للعمرة . 
				
						
						
