باب في زكاة ماشية الخلطاء  
ومن  البخاري  قال  أنس   : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - :  "ولا يجمع بين متفرق ، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة" ،  "وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية"  . 
ومحمل النهي عن التفرقة والجمع إذا قرب الحول وكان ذلك أضر بالزكاة . قال  مالك   : وذلك أن يكون ثلاثة نفر لكل واحد منهم أربعون شاة ، فإذا أظلهم الساعي جمعوها ؛ لتكون فيها شاة ، أو يكون لرجلين ، لكل واحد منهما مائة شاة وشاة ، ففيها على الاجتماع ثلاث شياه ، فيفرقانها ليكون عليهما شاتان . 
وإذا كان الافتراق أو الجمع غير مضر بالزكاة ، وهو خير للمساكين ، زكيت على ما توجد عليه من جمع أو افتراق   . 
واختلف في الحديث في أربعة مواضع : أحدها هل محمله على الوجوب ، أو الندب ؟ والثاني : هل هو في الخليطين من غير شركة ، أو في الشريكين ؟ والثالث : الوقت الذي يحملان فيه في التفرقة والاجتماع على الفرار من الزكاة . والرابع : صفة الخلطة التي بوجودها يزكيان زكاة المالك الواحد . 
فالمعروف من قول  مالك  وأصحابه : أن محمل الحديث على الوجوب . فإن فرقا أو جمعا قصدا للفرار زكيا على ما كانا عليه قبل الافتراق والاجتماع .  [ ص: 1043 ] 
وروي عنه في "مختصر ما ليس في المختصر" فيمن باع إبلا بعد الحول بذهب فرارا من الزكاة : أنه يزكي زكاة الذهب . فعلى هذا يكون محمل الحديث عنده على الندب ؛ لأنه فر قبل الوجوب . 
ولو تصدق رجل من ماله بقدر ما يسقط عنه الحج وعلم ذلك ، أو سافر في رمضان إرادة لسقوط الصوم عنه الآن ، أو أخر صلاة حضر حضر وقتها ليصليها في السفر ركعتين ، أو أخرت امرأة صلاة بعد دخول وقتها رجاء أن تحيض ، فحاضت قبل خروج الوقت ، فجميع ذلك مكروه . ولا يجب على هذا في السفر صيام ، ولا أن يصلي أربعا ، ولا على الحائض قضاء ، ويدخل في عموم نهيه عن الافتراق والاجتماع الشريكان والخليطان من غير شركة . واختلف في معنى قوله :  "وما كان من خليطين" ، فقيل : المراد الخلطة من غير شركة ؛ لقوله :  "فإنهما يتراجعان"  . 
قال : والشريكان لا يتراجعان . 
قال الشيخ - رضي الله عنه - : ويصح التراجع من الشريكين على أحد قولي  مالك   : أن الأوقاص غير مزكاة ، فلو كانت الشركة في مائة وعشرين من الغنم :  [ ص: 1044 ] 
لأحدهما ثمانون ، وللآخر أربعون ، فأخذت منها شاة ، لرجع صاحب الثمانين بقيمة سدس الشاة ؛ لأن الشاة أخذت عن أربعين ، وهو أول نصاب الغنم ، والزائد عفو لم يؤخذ عنه شيء . فلو كانت ثمانين بانفرادها كانت الشاة عن الأربعين ، واجتماعهما كذلك الشاة عن أربعين . فانتفع بسقوط نصف شاة عن كل واحد فالشركة في الشاة المأخوذة أثلاث . 
 ولأشهب  في كتاب محمد  فيمن مات وترك زرعا ، قال : إلا ما جاء من ترادد الشركاء والخلطاء في المواشي . فأثبت التراجع بين الشركاء ، وإلى هذا ذهب بعض أهل العلم في الحديث : أنه على الشريكين ؛ لأن الأصل المجتمع عليه في غير الماشية أنه لا يزكي أحد عن ملك غيره . 
				
						
						
