باب في منزل القاضي من المصر والموضع الذي يجلس فيه للقضاء، وهل يختص بوقت أو يجالسه أهل العلم وذوو العدل
قال ابن شعبان: من العدل أن يكون منزل القاضي متوسط المصر، ويستحب أن يستقبل القبلة، وهذا في المصر الكبير; لأنه إذا كان في طرف المصر أضر بالناس؛ لتجشم الترداد إليه، وإن كان صغيرا فذلك أخف.
واختلف في الموضع الذي يجلس فيه للقضاء على ثلاثة أقوال: فقال مالك في المدونة: القضاء في المسجد من الأمر القديم. وقال في كتاب ابن حبيب: كان من مضى من القضاة لا يجلسون إلا في رحاب المسجد خارجا، إما عند موضع الجنائز، وإما في رحبة دار مروان، وما كانت تسمى إلا رحبة القضاء. قال مالك: وإني لأستحب ذلك في الأمصار من غير تضييق؛ ليصل إليه اليهودي والنصراني، والحائض والضعيف، وهو أقرب إلى التواضع إلى الله سبحانه، وحيثما جلس القاضي المأمون فهو جائز.
وقال أشهب: لا [ ص: 5325 ] بأس أن يقضي في منزله وحيث أحب.
قال الشيخ: قوله أنه يقضي في الرحاب خارجا عن المسجد أحسن؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "جنبوا مساجدكم رفع أصواتكم وخصوماتكم". ولا يعترض هذا باللعان; لأنها أيمان، ويراد بها الترهيب; ليرتجع المبطل عن الباطل.


