الإعراب:  
من قرأ: {الحبك} ؛ فواحدته (حبيكة) ، و {الحبك} : مخفف منه، و (الحبك) واحدته: (حبكة) . 
ومن قرأ (الحبك) ؛ فالواحدة: (حبكة) ؛ ك(برقة، وبرق) ، أو (حبكة) ؛ كـ (ظلمة، وظلم) . 
ومن قرأ: (الحبك) ؛ فهو ك(إبل) ، و(إطل) ، و (الحبك): مخفف منه. 
ومن قرأ: {الحبك} ؛ فهو شاذ، ليس في الكلام(فعل) ، وهو محمول على تداخل اللغات؛ كأنه كسر الحاء؛ ليكسر الباء، ثم تصور {الحبك} ، فضم الباء. 
وقوله: يوم هم على النار يفتنون   : نصب {يوم} على تقدير: الجزاء يوم هم على النار يفتنون، وقيل: إنه مبني، بني لإضافته إلى غير متمكن، وموضعه نصب  [ ص: 230 ] على التقدير المتقدم، أو رفع على البدل من يوم الدين   . 
كانوا قليلا من الليل ما يهجعون   : يجوز أن تكون {ما} صلة؛ والتقدير: كانوا قليلا من الليل يهجعون. 
ويجوز أن تكون {ما} والفعل مصدرا، وموضعها رفع بالابتداء، والخبر: قليلا من الليل  ، [والجملة في موضع خبر {كان} . 
ويجوز أن تكون {ما} رفعا على البدل من اسم (كان) ؛ التقدير: كانوا هجوعهم من الليل ثقيلا]. 
وأجاز بعض النحويين ارتفاعه بـ (قليل) ؛ كما تقول: (كانوا نبيلا غلامهم) ، وأنكره أبو علي، وقال: لأن القلة ليست بصفة للهجوع؛ كما كان النبل للغلام. 
وأجاز بعضهم أن تكون {ما} نافية، {قليلا} خبر (كان) ، وأنكره أبو علي،  قال: لأن قوله: من الليل  يبقى متعلقا بغير شيء، ولا يجوز أن يتعلق بما بعده؛ لأن ما تقدم على النفي منقطع منه. 
وأجاز بعضهم كون {ما} نافية؛ على أن يكون التقدير: كانوا قليلا؛ أي: ليس بكثير في العدد، ويوقف على قوله: {قليلا} ، ويبتدأ بالنفي. 
 [ ص: 231 ] وانتصاب قوله: {قليلا} إن قدرت {ما} زائدة مؤكدة- بـ {يهجعون} ؛ على تقدير: كانوا وقتا قليلا، أو هجوعا قليلا، وإن لم تقدر {ما} زائدة؛ كان قوله: {قليلا} خبر {كان} ، ولم يجز نصبه بـ {يهجعون} ؛ لأنه إذا قدر نصبه بـ {يهجعون} مع تقديره مع {ما} مصدرا؛ قدمت الصلة على الموصول. 
وقوله: إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون   : من رفع {مثل} ؛ فعلى أنه صفة لـ (حق) ؛ لأنه نكرة وإن أضيف إلى معرفة؛ إذا لا يختص بالإضافة؛ لكثرة الأشياء التي يقع بها التماثل بين المتماثلين، و {مثل} مضاف إلى {أنكم} ، و {ما} : زائدة، ولا تكون {ما} مع ما بعدها بمنزلة المصدر؛ إذ لا فعل تكون معه مصدرا. 
ومن نصب {مثل} : فعلى أنه مبني حين أضيف إلى غير متمكن؛ وهو {أنكم} ، و {ما} : زائدة؛ للتوكيد، فاكتسب البناء من المضاف إليه، هذا قول  سيبويه.  
المازني:   {مثل} مع {ما} بمنزلة شيء واحد، فبني على الفتح؛ لذلك. 
وقيل: إنه منصوب على الحال من النكرة التي هي (حق) ؛ كما كان قوله: 
 [ ص: 232 ] أمرا من عندنا   [الدخان: 5] نصبا على الحال من {كل} في قوله: فيها يفرق كل أمر حكيم   [الدخان: 4]. 
أبو علي:  يجوز أن يكون حالا من المضمر المرفوع الذي في {لحق} ، والعامل في الحال هو (الحق) ؛ لأنه من المصادر التي يوصف بها، فيتضمن الضمير. 
 الفراء:  هو نعت لمصدر محذوف؛ التقدير: إنه لحق أحق ذلك حقا مثل نطقكم. 
بعض الكوفيين: هو منصوب على تقدير حذف الكاف؛ التقدير: كمثل ما أنكم تنطقون؛ [أي: كمثل نطقكم، و {ما} : زائدة]. 
وتقدم القول في فقالوا سلاما قال سلام   . 
وتقدم القول في تقدير نصب وقوم نوح  ، وجره، ومن رفعه؛ فعلى الابتداء، والخبر محذوف. 
إني لكم منه نذير مبين  كذلك} : موضع الكاف من {كذلك} يجوز أن يكون نصبا؛ على تقدير: أنذركم إنذارا كإنذار من تقدمني من الرسل الذين أنذروا  [ ص: 233 ] قومهم، أو رفعا؛ على تقدير: الأمر كذلك. 
ورفع {المتين} على النعت لـ {الرزاق} ، أو {ذو} من قوله: ذو القوة  ، أو يكون خبر مبتدأ محذوف، أو نعتا لاسم {إن} على الموضع، أو خبرا بعد خبر. 
ومن جره؛ جعله نعتا لـ {القوة} ، وذكر؛ لأن تأنيثها غير حقيقي، فحمل على المعنى، وقيل: إن الجر على الجوار؛ كقولهم: (هذا جحر ضب خرب) ، وهو في النكرة أسهل منه في المعرفة، لقوة حاجة النكرة إلى الصفة. 
* * * 
هذه السورة مكية، وعددها: ستون آية بغير اختلاف.  
* * * 
				
						
						
