التفسير: 
معنى وحاجه قومه   : حاجوه في توحيد الله عز وجل. 
ولا أخاف ما تشركون به  يعني: ما عبدوه من الأصنام، إلا أن يشاء ربي شيئا   [ ص: 620 ]  ; أي: إلا أن يشاء ربي أن يلحقني بشيء من المكروه، فتتم مشيئته، و (الهاء) في (به) من قوله: (ما تشركون به): يجوز أن تكون لله عز وجل، ويجوز أن تكون للمعبود) من دونه. 
وسع ربي كل شيء علما   ; أي: وسع علمه كل شيء. 
وكيف أخاف ما أشركتم   : معنى: (كيف) الإنكار، أنكر عليهم تخويفهم إياه بالأصنام، وهم لا يخافون الله عز وجل. 
و(السلطان) ههنا: الحجة. 
فأي الفريقين أحق بالأمن   ; أي: بالأمن من العذاب; يعني: أمن وحد الله، أم من أشرك به؟ 
الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم   : قيل: هو من قول إبراهيم،  متصلا بما قبله، وقيل: هو من قول الله تعالى مستأنفا. 
قال  ابن جريج:  هو جواب قومه، أتوا حين سألهم بالحجة على أنفسهم. 
ومعنى( لم يلبسوا إيمانهم بظلم): لم يخلطوه بشرك. 
وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه  يعني: ما تقدم من قوله لهم: 
وكيف أخاف ما أشركتم  الآية. 
 [ ص: 621 ] وقيل: حجته عليهم: أنهم لما قالوا له: إنا نخاف أن تخبلك آلهتنا لسبك إياها; قال لهم: أفلا تخافون أنتم منها إذ سويتم بين الصغير والكبير أن تخبلكم. 
ووهبنا له إسحاق ويعقوب   : (الهاء) في (له) لإبراهيم،  و (الهاء) في قوله: ومن ذريته داود وسليمان   : قيل: هي لنوح;  أي: ومن ذرية نوح  هدينا داود  وسليمان،  قاله  الفراء،  وغيره، واختاره  الطبري،  وقيل: هي لإبراهيم،  أجازه  الزجاج  وغيره، والأول أشبه; لأن في جملة الأسماء المعطوفة لوطا،  ولوط  إنما كان من ذرية نوح،  وهو ابن أخي إبراهيم،  وقيل: ابن أخته. 
واختلف في إلياس;  فقيل: هو من ذرية هارون  أخي موسى،  بينه وبينه ثلاثة آباء، وقيل: هو إدريس  جد نوح،  بينهما أربعة آباء، روي ذلك عن  ابن مسعود،   [ ص: 622 ] وفيه بعد; لأنه قد نسب إلى نوح،  وجعل من ذريته. 
واليسع   : قال  زيد بن أسلم:  هو يوشع بن نون.  
وقوله: ومن آبائهم  يعني: أنه هدى منهم بعضهم; فـ (من): للتبعيض. 
واجتبيناهم   ; أي: اصطفيناهم، مأخوذ من (جبيت الماء في الحوض); إذا جمعته، فالاجتباء: ضم الذي تجتبيه إلى خاصتك. 
. وقوله: فإن يكفر بها هؤلاء   : الضمير في (بها): للأشياء التي ذكر أنه أعطاها الأنبياء، و (هؤلاء) يعني به: أهل مكة.  
فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين  يعني: النبيين المتقدمين، قاله  الحسن   وقتادة.  
أبو رجاء:  وكلنا بها الملائكة. 
 ابن عباس،   والضحاك،  وغيرهما: فإن يكفر بها أهل مكة;  فقد وكلنا بها أهل المدينة.  
وقيل: المعنى: وكلنا بها كل مؤمن. 
أولئك الذين هدى الله   : الإشارة إلى النبيين المتقدم ذكرهم. 
ومعنى فبهداهم اقتده   : التوحيد، والشرائع مختلفة، وقد احتج بعض العلماء بهذه الآية على وجوب اتباع شرائع الأنبياء فيما عدم فيه النص.  
 [ ص: 623 ] وما قدروا الله حق قدره   : قال  ابن عباس:  ما آمنوا أنه على كل شيء قدير. 
 الحسن:  ما عظموه حق عظمته. 
وقيل: ما عرفوه حق معرفته. 
إذ قالوا ما أنـزل الله على بشر من شيء   : قال  ابن عباس،  وغيره: يعني: مشركي قريش.  
قال  الحسن،   وسعيد بن جبير:  الذي قاله أحد اليهود، قال: لم ينزل الله كتابا من السماء،  السدي:  اسمه فنحاص.  
تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا   : هذا لليهود الذين أخفوا صفة النبي صلى الله عليه وسلم. 
وقيل: إنها نزلت في مالك بن الصيف،  وكان من أحبار اليهود، وكان يظهر العبادة، ويتنعم سرا، فقيل له: إن في التوراة «إن الله لا يحب الحبر السمين»، فقال: ما أنزل الله على بشر من شيء. 
قال  مجاهد:  قوله: قل من أنـزل الكتاب الذي جاء به موسى نورا   : خطاب لمشركي العرب، وقوله: تجعلونه قراطيس تبدونها وتخفون كثيرا   : لليهود، وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم   : للمسلمين، وهذا يصح على قراءة من قرأ: (يجعلونه قراطيس يبدونها ويخفون كثيرا); بالياء، والوجه على قراءة التاء أن يكون كله لليهود. 
 [ ص: 624 ] ومعنى (ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم) على هذا: علمتم، فلم يكن لكم ولا لآبائكم علم; لتضييعكم إياه، أو يكون المعنى: علمتم ما لم تكونوا تعلمونه أنتم ولا آباؤكم، على وجه المن عليهم بإنزال التوراة. 
وقوله: (قل الله); أي: قل: الله أنزل الكتاب، أو: قل: الله علمكم الكتاب. 
ثم ذرهم في خوضهم يلعبون   : تهدد، وقيل: هو من المنسوخ بالقتال. 
وهذا كتاب أنـزلناه مبارك مصدق الذي بين يديه  يعني: مصدق الذي قبله من الكتب المتقدمة، وقيل: مصدق الذي بين يديه من النشأة الثانية. 
ولتنذر أم القرى ومن حولها  يعني: أهل أم القرى;  وهي مكة،  سميت أم القرى;   لأن الأرض دحيت من تحتها، وقيل: لأنها مقصد الخلق، وقيل: لأنها أول بيت وضع للناس، (ومن حولها): الأرض كلها، عن  ابن عباس.  
والذين يؤمنون بالآخرة يؤمنون به   : (الهاء) في (به) للنبي صلى الله عليه وسلم، وقيل: للقرآن، وإيمان من لم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم غير معتد به. 
وهم على صلاتهم يحافظون   ; أي: يتمونها بما يجب فيها; من المفروضات، والمسنونات، والمحافظة على الأوقات. 
ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال أوحي إلي ولم يوح إليه شيء  يعني: مسيلمة الكذاب،  والأسود العنسي.  
ومن قال سأنـزل مثل ما أنـزل الله   : معطوف على (ومن أظلم)، والمراد:  [ ص: 625 ]  عبد الله بن سعد بن أبي سرح،  الذي كان يكتب الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم، ثم ارتد، ولحق بالمشركين، وقال: سأنزل مثل ما أنزل الله، وسبب قوله ذلك - فيما روي -: أنه لما كتب: ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين   [المؤمنون:12] إلى آخر القصة حين نزولها; قال: (فتبارك الله أحسن الخالقين); اتفاقا، من قبل أن يأمره بها النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «اكتبها; فكذلك أنزلت»; فارتد، وقال ما أخبر الله به عنه، وقيل: إن الآية كلها في ابن أبي سرح.  
وقيل: نزلت في النضر بن الحارث;  لأنه عارض القرآن، وهو القائل- فيما روي -: (والزارعات زرعا)، وقد ذكرنا ذلك في «الكبير». 
				
						
						
