الأمر الحادي عشر: هبة المرتد:  
قبول المرتد للهبة صحيح بالاتفاق; إذ لا يحجر عليه في أسباب التملك. 
واختلف العلماء رحمهم الله في حكم هبة المرتد، وذلك بناء على اختلافهم في حكم تصرفات المرتد المالية على أقوال: 
القول الأول: أن هبة المرتد موقوفة إن أسلم بان نفوذها، وإلا بان فسادها. 
 [ ص: 206 ] وبه قال  أبو حنيفة،   والشافعي  في القديم، وابن قدامة،  وصاحب الشرح الكبير. 
القول الثاني: أن هبته باطلة. 
وبه قال المالكية، والشافعي في الجديد، والحنابلة. 
القول الثالث: أن هبته نافذة. 
وبه قال  أبو يوسف،   ومحمد بن الحسن،  وبعض الحنابلة.  
الأدلة: 
دليل القول الأول: 
1 - أن الصحابة رضي الله عنهم لم يتعرضوا لعقود المرتدين لما رجعوا للإسلام. 
2 - أن المرتد حربي مقهور تحت أيدينا، فصار كالحربي يدخل دارنا بغير أمان فنأسره، فتتوقف تصرفاته لتوقف حاله، وفي الأهلية خلل لاستحقاق القتل لبطلان سبب العصمة. 
دليل القول الثاني: أن ملكه قد زال بردته، فلا تصح تصرفاته; لتصرفه في ملك غيره. 
ونوقش: بعدم التسليم بزوال ملكه. 
دليل القول الثالث: أن الصحة تعتمد الأهلية، والنفاذ يعتمد الملك، والنفاذ والملكية موجودان. 
 [ ص: 207 ] الترجيح: 
الراجح - والله أعلم - هو القول الأول; لما فيه من الجمع بين الأدلة، وأيضا، فإن ملكه تعلق بحق غيره مع بقاء ملكه، فكان تصرفه موقوفا كتبرع المريض. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					