المطلب الثاني 
أن يجعل الموصي الموصى به بعينه لشخص آخر، مع إلغاء الوصية الأولى  
مثل أن يقول: البيت الذي أوصيت به لزيد، فهو لبكر. 
وقد اتفق فقهاء الحنفية  ، والمالكية  ، والشافعية  ، والحنابلة  على أن ذلك يعتبر رجوعا عن الوصية الأولى، فتبطل الوصية للأول، وتكون للثاني. 
 [ ص: 503 ] وعن الإمام  مالك:  أنه لا يعتبر رجوعا إلا ما كان صريحا في الرجوع. 
قال الكاساني  في بدائع الصنائع: « ولو أوصى بشيء لإنسان، ثم أوصى به لآخر، فجملة الكلام فيه أنه إذا أعاد عند الوصية الثانية الوصية الأولى، والموصى له الثاني محل قابل للوصية، كان رجوعا... 
ولو قال: أوصيت بثلث مالي لفلان، أو بعبدي هذا لفلان، ثم قال: الذي أوصيت به لفلان، أو العبد الذي أوصيت به لفلان فهو لفلان، كان رجوعا عن الأولى، وإمضاء للثانية » . 
وقال الباجي  في المنتقى بعد ذكر حكم الصورة الثانية: أن من أوصى بعبده ميمون لزيد، ثم أوصى به لعمرو، ولم يذكر رجوعا عن الوصية الأولى، أنه يكون بينهما بنصفين: « إذا ثبت ذلك فقد حكى  ابن المواز  أنه بينهما حتى يتبين أن القول الآخر رجوع عن الأول، مثل أن يقول: عبدي الذي أوصيت به لزيد هو لعمرو، فهذا رجوع، فإن لم يقبله الثاني فلا شيء فيه للأول » . 
وقال العمراني:  « وإن وصى لرجل بشيء، ثم قال: ما أوصيت به لفلان فقد أوصيت به لفلان.... فهو رجوع عن وصيته الأولى; لأنه قد نقل الوصية من الأولى إلى الثانية ، وصرح بذلك، وحكى الشيخ أبو إسحاق  وجها آخر، أنه يكون بينهما، والأول أصح » . 
قال  ابن قدامة:  « (وإن قال: ما أوصيت به لبشر فهو لبكر، كانت  [ ص: 504 ] لبكر) ، هذا قولهم جميعا، وبه قال  الشافعي،   وأبو ثور،  وأصحاب الرأي، وهو أيضا على مذهب الحسن،  وعطاء،   وطاوس،  ولا نعلم فيه مخالفا » . 
الأدلة على ذلك: 
1 - أن الموصي صرح بالرجوع عن الأول بذكره أن ما أوصى به مردود إلى الثاني، فأشبه ما لو قال: رجعت عن وصيتي لزيد، وأوصيت بها لبكر. 
2 - أن كون الموصى له الثاني محلا للوصية، مع إعادة الوصية، لا يمكن حمل ذلك على الإشراك; لأنه لما أعاد الوصية علم أنه أراد نقل تلك الوصية من الأول إلى الثاني، ولا ينتقل إلا بالرجوع، فكان ذلك منه رجوعا. 
3 - أن تعريف المسند إليه والإتيان بضمير الفصل يفيدان القصر، والقصر يفيد إثبات الحكم للمذكور ونفيه عما عداه. 
فقوله: الدار التي أوصيت بها لعمرو هي لزيد، معناه: هي له وحده. 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					