( القسم الثاني ) ما تتناوله الآية لكن حكم فيه بمستند باطل فهذا ينقض لفساد المدرك لا لعدم الولاية فيه ، وهو الحكم الذي خالف أحد أربعة أمور إذا حكم على خلاف الإجماع ينقض قضاؤه أو خلاف النص السالم عن المعارض أو القياس الجلي السالم عن المعارض أو قاعدة من القواعد السالمة عن المعارض ، ولا بد في الجميع من اشتراط السلامة عن المعارض أي المعارض والراجح فإنه لو قضي في عقد الربا بالفسخ لم ينقض قضاؤه ، وإن كان قضاؤه على خلاف قوله تعالى { وأحل الله البيع } لأنه عورض بالنصوص الدالة على تحريم الربا ، وكذلك لو قضي في لبن المصراة بالثمن لم ينقض قضاؤه ، وإن كان على خلاف قاعدة إتلاف المثليات أن يجب جنسها لأجل ورود النص في ذلك نعم لو قضى بصحة نكاح بغير ولي فسخناه لكونه على خلاف قوله عليه السلام { أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل } ، ولو قضى باستمرار عصمة من لزمه الطلاق بناء على المسألة السريجية نقضناه لكونه على خلاف قاعدة أن الشرط قاعدته صحة اجتماعه مع المشروط ، وشرط السريجية لا يجتمع مع مشروطه أبدا فإن تقدم الثلاث لا يجتمع مع لزوم الطلاق بعدها ، ونحو ذلك ، وكذلك لو حكم حدسا ، وتخمينا من غير مدرك شرعي ينقض إجماعا ، وهو فسق ممن فعله قاله ابن محرز [ ص: 41 ] من أصحابنا .
ونقل ابن يونس عن عبد الملك أنه قال ينتقض عند مالك قضاء القاضي لمخالفة السنة كالقضاء باستسعاء العبد لعتق بعضه فإن الحديث ورد بأنه لا يستسعى ، وكالشفعة للجار بعد القسمة لقوله عليه السلام { الشفعة فيما لم يقسم } أو يحكم بشهادة النصراني لقوله تعالى { ذوا عدل منكم } أو بميراث العمة ، والخالة ، والمولى الأسفل لقوله عليه السلام { ألحقوا الفرائض بأهلها فما أبقت الفرائض فلأولى عصبة ذكر } ، وكل ما هو على خلاف عمل المدينة ، ولم يقل به إلا شذوذ العلماء ، وخالف ابن عبد الحكم .
وقال لا تنقض شفعة الجار ، وما ذكر معه من الفروع لضعف موجب النقص عنده ، وجمهور الأصحاب على خلافه ، وفي النوادر لأبي محمد قال محمد مما ينقض نقض ما لا ينقض فإذا قضى قاض بأن ينقض حكم الأول ، وهو مما لا ينقض نقض الثالث حكم الثاني لأن نقضه خطأ ، ويقر الأول ، وكذلك لو تصرف السفيه الذي تحت حجر القاضي بالبيع والنكاح وغيرهما فرده فجاء قاض ثان فأنفذه نقض الثالث هذا التنفيذ ، وأقر الأول ، وكذلك لو فسخ الثاني الحكم بالشاهد ، واليمين رده الثالث لأن النقض في مواطن الاجتهاد خطأ ، ونقض الخطأ متعين .


