( الفرق الثامن والمائتان بين قاعدة ما يمنع فيه الجهالة  وبين قاعدة ما يشترط فيه الجهالة  بحيث لو فقدت فيه الجهالة فسد ) 
أما ما تفسده الجهالة فهو البياعات كما تقدم  ،  وكثير من الإجارات  ،  ومن الإجارات قسم لا يجوز تعيين الزمان فيه بل يترك مجهولا  ،  وهو الأعمال في الأعيان كخياطة الثياب ونحوها لا يجوز أن يعين زمان الخياطة بأن يقول له اليوم مثلا فتفسد لأن ذلك يوجب الغرر بتوقع تعذر العمل في ذلك اليوم  ،  بل مصلحته  ،  ونفي الغرر عنه أن يبقى مطلقا  ،  وكذلك الجعالة لا يجوز أن يكون العمل فيها محددا معلوما  لأن ذلك يوجب الغرر في العمل بأن لا يجد الآبق في ذلك الوقت  ،  ولا بذلك السفر المعلوم بل نفي الغرر عن الجعالة بحصول الجهالة فيها  ،  والجهالة في هذين القسمين شرط  ،  وإن كانت في غيرهما مانعا  ،  وها هنا قاعدة شرعية تعرف بجمع الفرق  ،  وهي أن يكون المعنى المناسب يناسب الإثبات والنفي أو يناسب الضدين  ،  ويترتبان عليه في الشريعة  ،  وهو قليل في الفقه فإن الوصف إذا ناسب حكما نافى ضده أما اقتضاؤه لهما فبعيد كما تقدم بيانه في الجعالات والإجارات  ،  ومن ذلك أيضا الحجر يقتضي رد التصرفات  ،  وإطلاق التصرفات في حالة الحياة صونا لمال المحجور عليه على مصالحه  ،  وتنفذ وصاياه صونا لماله على مصالحه لأنا لو رددنا الوصايا لحصل المال للوارث  ،  ولم ينتفع به المحجور عليه فصار صون المال على المصالح يقتضي تنفيذ التصرفات  ،  ورد التصرفات  ،  وكذلك القرابة توجب البر بدفع المال  ،  وتوجب المنع من دفع المال إذا كان زكاة فيحرموا إياها  ،  وتعطى لغيرهم بسبب القرابة  ،  وكذلك أقرباء رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب برهم بسد خلاتهم بالمال  ،  ويحرم دفع المال إليهم إذا كان زكاة فصار قربهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم يوجب دفع المال  ،  ومنع المال باعتبار مالين ونسبتين  ،  وكذلك كل معنى يوجب مصلحة أو مفسدة  ،  ويوجب نقيضها في محل آخر  ،  وباعتبار نسبة أخرى  [ ص: 13 ] فإنه يوجب الضدين  ،  وهو ضابط جمع الفرق  ،  وسمي بذلك لأنه يجمع المفرقات  ،  وهي الأضداد فكذلك الجهالة توجب الإخلال بمصالح العقود في البياعات  ،  وأكثر أنواع الإجارات فكانت مانعة  ،  ووجودها يوجب تحصيل مصلحة عقد الجعالة حتى يبقى المجعول له على طلبه فيجد الآبق فلا يذهب عمله المتقدم مجانا فإذا قيدنا عليه العمل  ،  وقدرناه معلوما فإذا فعل ذلك العمل المعلوم  ،  ولم يجد الآبق ذهب عمله مجانا فضاعت مصلحة العقد 
     	
		 [ ص: 13 ] 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					