( المسألة الخامسة ) في الشرط التاسع وهو منع السلم الحال ومنعه أبو حنيفة وابن حنبل وجوزه الشافعي رضي الله عنهم أجمعين احتج الشافعي رضي الله عنه بقوله تعالى { : وأحل الله البيع } ؛ ولأنه عليه السلام { اشترى جملا من أعرابي بوسق من تمر الذخيرة ، فلما دخل البيت لم يجد التمر فقال للأعرابي إني لم أجد التمر فقال الأعرابي واغدراه فاستقرض رسول الله صلى الله عليه وسلم وسقا وأعطاه } فجعل الجمل قبالة وسق في الذمة وهو السلم الحال وبالقياس على غيره من البيوع وبالقياس على الثمن في البيوع [ ص: 296 ] لا يشترط فيها الأجل ؛ ولأن السلم إذا جاز مؤجلا فليجز منجزا بطريق الأولى ؛ لأنه أنفى للغرر والجواب عن الأول أنه مخصوص بقوله عليه السلام { : من أسلم فليسلم إلى أجل معلوم } وهو أخص من الآية فيقدم عليها وهو أمر والأمر للوجوب ، وعن الثاني إن صح ، فليس يسلم ، بل وقع العقد على تمر معين موصوف فلذلك قال لم أجد شيئا ، والذي في الذمة لا يقال فيه ذلك لتيسره بالشراء ، لكن لما رأى رغبة البدوي في التمر اقترض له تمرا آخر ؛ ولأنه أدخل الباء على التمر ، فيكون ثمنا لا مثمونا ؛ لأن الباء من خصائص الثمن ، وعن الثالث أن البيع موضوع للمكايسة ، والتعجيل يناسبها والسلم موضوعه الرفق والتأجيل يناسبه والتعجيل ينافيه ويبطل مدلول الاسم بالحلول في السلم ولا يبطل مدلول البيع بالتأجيل فلذلك صحت مخالفة قاعدة البيع في المكايسة بالتأجيل ، ولم تصح مخالفة السلم بالتعجيل وهو الجواب عن الرابع ، وعن الخامس أن الأولوية فرع الشركة ولا شركة ها هنا ، بل التباين ؛ لأنه أجازه مؤجلا للرفق ، والرفق لا يحصل بالحلول فكيف يقال بطريق الأولى ، بل ينتفي ألبتة سلمنا أن بينهما مشتركا لكن لا نسلم عدم الغرر مع الحلول ، بل الحلول في السلم غرر ؛ لأنه إن كان عنده فهو قادر على بيعه معينا حالا فعدوله إلى السلم قصد للغرر ، وإن لم يكن عنده فالأجل يعينه على تحصيله والحلول يمنع ذلك ويعين الغرر ، وهذا هو الغالب ؛ لأن ثمن المعين أكثر فلو كان عنده لعينه لتحصيل فضل الثمن فيندرج الثمن الحال في الغرر فيمتنع قوله أن جوازه بطريق الأولى ، وهذا [ ص: 297 ] الكلام في هذا القياس عزيز فإن الشافعية يظنون بهذا القياس أنه قطعي وأنه يقتضي الجواز بطريق الأولى ويحكون هذه العبارة عن الشافعي رضي الله عنه فقد ظهر بهذا البحث انعكاسه عليهم وظهر أنه غرر لا أنه أنفى للغرر أوجد للغرر ، ثم نقول أحد العوضين في السلم فلا يقع إلا على وجه واحد كالثمن


