[ ص: 312 ] القول في الإشارة . 
الإشارة من الأخرس  معتبرة ، وقائمة مقام عبارة الناطق ، في جميع العقود ، كالبيع والإجارة والهبة ، والرهن ، والنكاح ، والرجعة ، والظهار . والحلول : كالطلاق ، والعتاق ، والإبراء ، وغيرهما ، كالأقارير ; والدعاوى ، واللعان ، والقذف والإسلام . 
ويستثنى صور : الأولى : شهادته لا تقبل بالإشارة في الأصح . 
الثانية : يمينه لا ينعقد بها ، إلا اللعان . 
الثالثة : إذا خاطب بالإشارة في الصلاة لا تبطل على الصحيح . 
الرابعة : حلف لا يكلمه ، فأشار إليه ، لا يحنث . 
الخامسة : لا يصح إسلام الأخرس بالإشارة في قول ، حتى يصلي بعدها والصحيح صحته . وحمل النص المذكور على ما إذا لم تكن الإشارة مفهمة . 
وإذا قلنا باعتبارها ، فمنهم من أراد الحكم على إشارته المفهومة ، نوى أم لا ، وعليه البغوي    . 
وقال الإمام  ، وآخرون : إشارته منقسمة إلى صريحة مغنية عن النية ، وهي التي يفهم منها المقصود كل واقف عليها ، وإلى كناية مفتقرة إلى النية ، وهي التي تختص بفهم المقصود بها المخصوص بالفطنة ، والذكاء ، كذا حكاه في أصل الروضة : والشرحين من غير تصريح بترجيح . 
وجزم بمقالة الإمام  في المحرر ، والمنهاج . قال الإمام    : ولو بالغ في الإشارة ، ثم ادعى أنه لم يرد الطلاق  ، وأفهم هذه الدعوى فهو كما لو فسر اللفظ الشائع في الطلاق بغيره ، وسواء في اعتبارها : قدر على الكتابة أم لا كما أطلقه الجمهور ، وصرح به الإمام    . وشرط المتولي  عجزه عن كتابة مفهمة ، فإن قدر عليها ، فهي المعتبرة ; لأنها أضبط . 
وينبغي أن يكتب مع ذلك : إني قصدت الطلاق ، ونحوه : وأما القادر على النطق ، فإشارته لغو . إلا في صور    : الأولى : إشارة الشيخ في رواية الحديث ، كنطقه ، وكذا المفتي . 
الثانية : أمان الكفار ، ينعقد بالإشارة : تغليبا لحقن الدم . كأن يشير مسلم إلى كافر فينحاز إلى صف المسلمين وقالا : أردنا بالإشارة    : الأمان  [ ص: 313 ] 
الثالثة : إذا سلم عليه في الصلاة ، يرد بالإشارة . 
الرابعة : قال : أنت طالق ، وأشار بأصبعين ; أو ثلاث ، وقصد وقع ما أشار به  ، فإن قال : مع ذلك ، هكذا : وقع بلا نية ، ولو قال : أنت هكذا ; ولم يقل " طالق " ففي تعليق  القاضي حسين    : لا يقع شيء . 
وفي فتاوى  القفال    : إن نوى الطلاق طلقت ، كما أشار . وإن لم ينو أصل الطلاق : لم يقع شيء . 
وحكي وجه : أنه يقع ما أشار من غير نية ، وما قاله  القفال  أظهر ولو قال : أنت ، ولم يزد ، وأشار : لم يقع شيء أصلا ; لأنه ليس من ألفاظ الكنايات ، فلو اعتبر : كان اعتبار النية وحدها بلا لفظ . 
الخامسة الإشارة بالطلاق    : نية كناية في وجه لكن الأصح خلافه ، ولو قال لإحدى زوجتيه : أنت طالق وهذه ، ففي افتقار طلاق الثانية إلى نية : وجهان ، ولو قال : امرأتي طالق ، وأشار إلى إحداهما  ، ثم قال : أردت الأخرى ، قبل في الأصح . 
السادسة لو أشار المحرم إلى صيد ، فصيد    : حرم عليه الأكل منه ، لحديث { هل منكم أحد أمره أن يحمل عليها ، أو أشار إليها ،   } فلو أكل ، فهل يلزمه الجزاء ؟ قولان ، أظهرهما : لا . 
فرع من المشكل ، ما نقله الرافعي  عن التهذيب : أن ذبيحة الأخرس  تحل إن كانت له إشارة مفهمة وإلا فقولان كالمجنون والذي ينبغي القطع بحل ذبيحته ، سواء كانت له إشارة مفهمة أم لا ; إذ لا مدخل لذلك في قطع الحلقوم والمريء . 
وقد قال  الشافعي  في المختصر : ولا بأس بذبيحة الأخرس .  [ ص: 314 ] 
فرع قال الإسنوي    : إشارة الأخرس بالقراءة - وهو جنب -  كالنطق ، صرح به  القاضي حسين  في فتاويه ، وعموم كلام الرافعي  في الصلاة يدل عليه . وفي المطلب : ذكروا في صفة الصلاة : " والأخرس يجب عليه تحريك لسانه " . قال : فليحرم عليه إذا كان جنبا تحريك اللسان بالقرآن . 
فرع المعتقل لسانه ، واسطة بين الناطق والأخرس  ، فلو أوصى في هذه الحالة بإشارة مفهمة ، أو قرئ كتاب الوصية ، فأشار برأسه ، أن نعم : صحت . 
فرع اشترط النطق في الإمام الأعظم ، والقاضي ، والشاهد    . وفيهما وجه . فرع علق الطلاق بمشيئة أخرس ، فأشار بالمشيئة  ، وقع ، فإن كان حال التعليق ناطقا ، فخرس بعد ذلك . ثم أشار بالمشيئة . وقع أيضا في الأصح إقامة لإشارته مقام النطق المعهود في حقه . 
ولو أشار - وهو ناطق - لم يقع على الأصح . 
تنبيه : 
حيث طلبت الإشارة من الناطق وغيره . لم يقم مقامها شيء ، كالإشارة بالمسبحة في التشهد ، والإشارة إلى الحجر الأسود . والركن اليماني عند العجز عن الاستلام    . 
				
						
						
